كتب- محمد مهدي:
يقولون إن من يضع يديه في المياه ليس كمن يضعها في النار، دلالة على أن الطرف الأول لا يتألم مثل الثاني، لكن أحيانًا تختلف الأمور، فعندما تستيقظ في يوم ما على خبر بدء الحرب على وطنك، وسقوط شهداء من عائلتك في قصف للطائرات الإسرائلية وأنت في بلد أخر، تصبح لا حول لك ولا قوة، ترتع مشاعر العجز والقلق بداخلك، تنهش قلبك لحظيا في ألم قد يفوق أصحاب المعاناة الحقيقية ''مصيبة والله العظيم الإنسان لا يتحملها'' يقولها بأسى بسام حمد، فلسطيني يعيش في مصر، عن لحظة معرفته باستشهاد أفراد من أسرته.
''بسام'' أحد أفراد عائلة ''حمد'' التي ودعت 6 من أفرادها إثر استهداف منزل لهم ببيت حنون من الطائرات الإسرائيلية، يعاني مرارة البُعد عن وطنه غزة وأسرته التي تواجه الموت طوال الساعات الأخيرة ''الواحد هناك بيبقى شايف الحدث، وعنده معلومة ويقدر بيساعد اللي أصابه مكروه''، أما هنا فالترقب عنوان المشهد، فقط يكتفي بمتابعة كل جديد من خلال الإذاعات الفلسطينية واتصالات قليلة مع عائلته، لكن غيابه عن المشهد ليس عليه بهين ''البُعد كارثة.. وقلق أكبر''.
''اختطاف الإسرائليين ومقتلهم ذريعة للحرب''بدى لـ ''بسام'' منذ توارد أنباء عن اختطاف إسرائليين، أن الحرب تلوح في الأفق، وأن الكيان الصهيوني دَبر الأمر لكي يحدث اجتياح لغزة ''يريدون إنهاء المصالحة الوطنية بين الفلسطينين بأي طريقة''، يدافع عن تصوره مؤكدًا أن الفصائل الفلسطينية لم تعلن عن تبنيها لهذا الحادث وإنها لا تخشى أن تخبر العالم بذلك إن نفذته.
في الحرب السابقة في عام 2012، كان الرجل الثلاثيني متواجدا في قلب الأحداث ''كنت في غزة ووقع قصف أمام منزلنا مباشرة''، يتذكر أن الدمار الذي لحق بهم لم يفتت قوتهم، الطمئنينة حضرت بقوة رغم أهوال الحرب، الجميع على قلب رجل واحد، ينتظرون الموت بقلوب ثابتة، يجلسون سويا بداخل المنازل يوزعون كأس الأمل عليهم، ويتحركون معا لإنقاذ المتضررين من القصف، ولا وجود للاستسلام في قاموسهم، فلا سبيل لهم إلى النجاة إلا بالحياة ''الكل ثابت وبيقاوم بأي وسيلة.. نكون أو لا نكون''.
ينصت ''بسام'' إلى الأخبار القادمة عن غزة، بينما يتحرك بعصبية بداخل منزله بالجيزة، لكن ثمة أصوات صارخة تأتي إليه عبر الشارع، ينظر من النافذة ليجد مشجعين يتابعون إحدى مباريات كأس العالم، لا يشعر نحوهم بالغضب لكنه يُلقي اللوم على الإعلام الذي لا يتحدث للناس عن ما يجري في غزة ''مهم الإعلام يوضح الصورة لإخوانا العرب وخاصة في مصر''.
العودة هي الحلم الذي يتمناه ''بسام'' رغم الأوضاع الأمنية الصعبة في غزة، والمعلومات التي تأتي له عن استهداف المنازل، والمواطنين في الشوارع ''لأول مرة بيكون الاستهداف شديد للدرجة دي''، لكنه لا يطيق العيش بعيدا عن الوطن في تلك الظروف ''ياريت ينفع أعود.. ياريت''.
صحف الخميس: العدوان الإسرائيلي على غزة ومجموعات وزارية لاقتحام المشاكل