كتب- محمد مهدي:
ظلام يغطي المدينة، حركة خفيفة في شوارعها، حزن مشتعل في قلوب أهلها، نحيب مكتوم يصدر من هنا أو هناك، تلك لحظات ما بعد القصف الإسرائيلي على غزة الصابرة، الهدوء القادم خلف العاصفة الهوجاء، التي خَلفت أرواح صعدت إلى بارئها، ومصابين إن تعافوا لن يجدوا منازلهم التي تساوت مع الأرض في الهجوم الغاشم، لكن الفلسطينيين لديهم القدرة على التعامل مع تلك الظروف الصعبة "في الحرب الكل بيدبر حاله" يقولها ربيع جميل، أحد سكان خان يونس.
القصف متواصل لا ينتهي، قوات الاحتلال الإسرائيلي تضرب منازل العُزل، يصف "جميل" الشاب العشريني الوضع "ما بيمر 5 دقائق إلا وفيه قصف"، يهرول أبناء المنطقة نحو المنازل التي تم استهدافها، يطمئنوا على حالة أصحابها "لو وجدنا شهداء أو مصابين يتم نقلهم لمستشفى ناصر بخان يونس أو الشفاء بغزة".
أما من كتب لهم الله عمر جديد وأصبحوا دون مأوى فإن أهالي قطاع غزة كالبنيان المرصوص، لا يتركون المتضررين منهم يبيتون ليلتهم في العراء "كلنا جيران ومن عائلات واحدة، يتم استضافتهم لحين انتهاء الغمة"، ثم أنك قد تجد من دُمرت بيوتهم هم أسرع من يهرعون إلى نجدة الضحايا الجُدد مع كل هجوم إسرائيلي.
شيء لا يمكن تجاهله لدى أبناء قطاع غزة، هو حالتهم المعنوية المرتفعة رغم الدمار الذي يحيط بهم، فالمقاومة تجري في دمائهم، الخوف لا مكان له في قلوب اقتربت من الموت مرات ومرات "في كل بيت بغزة شهيد" كلمات تخرج من "جميل" بفخر، يضمدون جراحهم سريعا ثم يستكملون يومهم بشكل اعتيادي كرسالة لإسرائيل بأن حياتهم لن تتوقف أبدًا رغم الحرب.
لا أحد من المتضررين بعد قصف منازلهم يُفكر في نفسه، فالحرب تعني لدى الفلسطينيين الكل وليس الفرد، لكن هذا لا يمنع أن هناك حديث عن تكفل الحكومة في غزة بتسليم بيوت للمنكوبين بدلا من بيوتهم المدمرة بعد انتهاء الحرب "في الحرب الماضية تم تعويض تلك الحالات المشابهة بمنازل في مدينة حمد بن جاسم".