كتبت - رنا الجميعي:
هو الروح التي تمدهم الحياة، نكبة عاشوها لسنوات طوال، دونما يد ترفع عنهم الظلم والقهر، تربوا على الصمود والمقاومة، سدت في وجوههم منافذ الحياة، ليصنعوا هم بأنفسهم النوافذ المطلة، غير أنهم ظلوا راجين من الجيران مد اليد للمساعدة، ولكن المعبر الروح ظل مغلقًا في الوجوه حسب المواقف السياسية.
هو ما توافق عليه باسم ميناء رفح البري، هو المعبر الحدودي بين فلسطين ومصر، يقع عند مدينة رفح الواقعة على حدود قطاع غزة وبشبه جزيرة سيناء، شُيّد المعبر بعد اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل، يقسم بين مدينة رفح، لتملك رفح اسمين، رفح الفلسطينية، وأخرى مصرية، منذ عام 2005 أصبح بيد مصر فتح أو إغلاق المعبر، يتحوّل المعبر إلى رمز، يتم ذكره كلما قصفت اسرائيل قطاع غزة، وأغلقت منافذ الحياة عليها.
للمعبر عند المصريين أملًا لرؤية أشقائهم الفلسطينيين، ورمزًا لتضامنهم معهم، لذا حاولت ''تسنيم إمام'' المرور لغزة ثلاث مرات قبل ثورة 25 يناير، ولكن باءت الثلاث محاولات بالفشل، أولهما كانت برمضان 2008، تم إيقافهم عند الإسماعيلية، وغلق الطريق الصحراوي، الثانية مع إحدى حملات فك الحصار التابعة لنقابة الأطباء واتحاد الأطباء العرب، ولم تمر أيضًا، في تلك المرة تم السماح للقافلة التابعة للاتحاد الأوروبي ولم تمر القافلة المصرية، الثالثة كانت تابعة للجنة الإغاثة وتم منعها من السفر بالأساس.
لكن تغيّر موقف السلطات المصرية بعد الثورة، مرات عديدة تم فيها فتح المعبر، وشهورًا مرت دون غلقه، منها المرتين التي سافرت خلالهما ''تسنيم''، الأولى في ذكرى انطلاقة حماس، بعد الثورة بأشهر قليلة، وأخرى وقت الحرب على غزة عام 2012، استطاعت في المرتين المرور لغزة، الإجراءات عند المعبر كانت سهلة، يكفي فحسب فحص ''الباسبور''.
بالنسبة لـ''منة محمد'' كان الموقف مغايرًا قليلًا، تملك ذكرى واحدة للسفر لغزة، قبل أحداث الثلاثين من يونيو بقليل، كان فيها المعبر مفتوح، من خلال قافلة حملت امدادات طبية لأهل غزة، عبرت ''منة'' للداخل، ولكن للعبور نفقة، خمس ساعات انتظرت فيها القافلة للدخول، حتى يتم التحقيق فيها مع مسئول القافلة، تقول الفتاة العشرينية أن التعامل على الجانب الفلسطيني ''عوّض التعامل المصري''.
للمعبر اعتبارات أخرى بالنسبة للدولة، يقول دكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، أن معبر رفح تحكمه اتفاقية المعابر بين فلسطين واسرائيل، ولكن من ينظم الوضع عند المعبر ويديره هي السلطات المصرية، وأكد على أن مصر لا تفرض حصارًا على قطاع غزة، فقد ظلت محاولات النزوح الجماعي للفلسطينيين دافعًا لغلقه ''في 2008 رفع بعض الفلسطينيين العلم الفلسطيني في مساحات من سينا''، وإن المصلحة العليا لمصر وأمنها القومي هو الأولوية للموقف الرسمي لمصر.
يعتبر ''العشم'' للجانب الفلسطيني، هذا ما وصفه دكتور محمد خالد الأزعر، المستشار الثقافي لسفارة فلسطين، للمعبر التي أكد على أنها قضية شديدة الحساسية بين فلسطين ومصر، فخط الرمال الذي صنعته الجغرافيا عليه أن يكون مكان للوصل لا للحل بين الدولتين، على حد قول ''الأزعر''، واضعًا في الاعتبار أن مصر تقوم بما تضطرها الظروف الأمنية التي لا جدال عليها، ومن المتوقع أن تؤدي الاتصالات بين الطرفين لنتائج إيجابية قريبًا، كما يقول المستشار الثقافي.
معبر رفح.. ''عشم'' لفلسطين و''اعتبارات سياسية'' لمصر
منوعات -
معبر رفح