كتبت-دعاء الفولي:
يبدو الأمر مُكررًا لمتابعي الحال بمصر، فمعظم النوائب التي تمر بها الدولة لها خطوات، سواء أكانت ناجمة عن قرار حكومي، أو حتى كارثة طبيعية، تتحول الأزمات المختلفة لإضافة جديدة في سجلات المشاكل غير المحلولة، وينتهي الأمر أحيان عديدة بإمداد مؤسسة القوات المسلحة يد المساعدة، آخر تلك الأزمات كانت رفع حكومة المهندس ''إبراهيم محلب'' الدعم عن السولار والبنزين، مما نتج عنه ارتفاع أجرة وسائل النقل.
ويتوقع الخبراء ازدياد أسعار السلع الغذائية بنسبة لا تقل عن 25%، في نفس السياق دفعت المؤسسة العسكرية بسلع لتغذية الأسواق بسعر مخفض وحافلات لنقل المواطنين، في محاولة ليست الأولى لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، ما جعل البعض يتساءل إذا كانت محاولات القوات المسلحة تصب في مصلحتها بشكل سياسي أم هي مجرد حلول مؤقتة كسابقاتها.
في مطلع عام 2014، أضرب سائقو النقل العام بأكثر من محافظة اعتراضًا على عدم تطبيق الحد الأقصى للأجور؛ فدفعت القوات المسلحة بحافلات للنقل حتى فك السائقون الإضراب، لم تكن تلك المرة الأولى، فإضراب مشابه حدث في مارس عام 2012، وكان تصرف المؤسسة العسكرية على نفس النمط، كذلك حين أغرقت السيول جزء من محافظات الصعيد شهر مارس الماضي، فتدخلت المؤسسة لإغاثة المتضررين من السيول.
''مساعدات القوات المسلحة وقت الأزمات ليس لها مسوغ قانوني لكنها تعتمد على الأعراف''، قال طارق فهمي، أستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، موضحًا أن تلك المساعدات لا علاقة لها بمصارف بيع السلع الوطنية التابعة لميزانية الجيش في الأساس، كما أن تدخل الجيش في الأزمات حتى السياسي منها له تاريخ بمصر، اعتاد عليه الحكام والمؤسسة، كالذي حدث وقت انتفاضة الأمن المركزي في الثمانينات حال عهد محمد حسني مبارك، إذ طالبهم بالنزول للشوارع للسيطرة على الوضع، ومثلما حدث مساء يوم جمعة الغضب 2011.
أما الضوابط التي تحكم علاقة الجيش بالجهات المدنية فلا تنطبق على جزئية المساعدات بمصر، على حد قول أستاذ السياسة، ''مبيبقاش فيه حدود واضحة بين المدني والعسكري في هذه الحالة''، مضيفًا أنه لا يوجد تكليف قانوني من الرئيس عندما تحدث الأزمات خاصة المتعلقة بخدمة المواطنين، القوات المسلحة في الدول الأخرى لا تتدخل حال الأزمات الاقتصادية إلا قليلًا ''في بعض دول أمريكا اللاتينية فقط، الجيش بيمد الناس بسلع غذائية وملابس''.
من الجهة الاقتصادية لا تكفي مساعدات القوات المسلحة لحل الأزمة إلا بشكل مؤقت، حيث يجب أن تؤدي الحكومة دورها، على حد قول الدكتور عبد الرحمن عليان، عميد معهد الاقتصاد، فالدائرة المُفرغة التي تمر بها المشاكل ناتجة عن عدم تخطيط، فلولاه لما وصل الحال لذلك.
كما أضاف عميد معهد الاقتصاد أن السلع التي يطرحها الجيش يجب أن تكون أساسية لتسد غلاء بديلتها، مؤكدًا أن المعونات ليست فكرة اقتصادية معيبة في حد ذاتها ''الدولة نفسها تحصل على معونات من الخارج''، لذلك لا يجب أن تُلام المؤسسة العسكرية على المساعدات بقدر الحكومة التي لا تستطيع تقديم حلول جذرية.