كتب- محمد مهدي:
تصوير- أحمد هيمن ومصطفى سامي:
إن الرجل لينظر إلى المرأة ثم يتفوه بكلمات نابية ثم يمد يديه نحو جسدها حتى يُعرف عند الناس متحرشا، لكنه رُغم ذلك لا يتوقف عن فعلته خجلا أو خوفا، لذلك لا تكف نساء مصر عن محاولاتهن في مقاومة تلك الجريمة، رافضين العيش في عالم أقرب إلى الغابة، تُنتهك فيه أرواحهن قبل أجسادهن، فتظهر مبادرة تلو الأخرى، وردود فعل وصلت في الآونة الأخيرة إلى تحرير محاضر ضد المتحرشين، قبل أن تأتي ''ياسمين المليجي'' فنانة تشكيلية، بفكرة جديدة ضد التحرش.
حالة من الاندهاش سرت بين المتواجدين بـ ''الفن ميدان'' الكرنفال الثقافي الشهري، بميدان عابدين، السبت الماضي، حينما شاهدوا فتاتين ترتديان فستانين مكسوين بنبات الصبار البارز منه أشواك لا ترحم العابثين، في البداية بدا الأمر غريبا ومثيرا للفضول، قبل أن يكتشفوا حقيقية الأمر حينما ظهرت ''ياسمين'' ممسكة بـأوراق تحوي التفاصيل ''كنت بحاول أوصل رسالتنا للناس.. إننا هنقاوم التحرش بأي طريقة''.
تلك ليست المرة الأولى التي يظهر فيه ''رداء الصبار'' أمام الناس، فقد سبق وعرضته ''ياسمين'' كمشروع تخرج لها في مدرسة الفنون الجميلة العليا ''نيم'' بفرنسا، وهي ترتديه أمام الأساتذة ''كانوا معجبين بالفكرة.. لأن عندهم تحرش زينا''، وعن سر اختيار نبات الصبار تقول '' قررت اللجوء للطبيعة.. الصبار فيه تناقض مبهر.. جماله وجاذبيته مع أشواكه اللي بتحميه من اقتراب العابثين''.
عند عودتها لمصر عقب تخرجها تلقت عرضا من مركز درب 1718 الثقافي، بإمكانية ظهور الفكرة في ''الفن ميدان'' تحت إشرافهم ''وافقت.. كان عندي فضول أشوف انطباعات الناس.. وأوصل رسالتنا''.
بحثت الفنانة الشابة عن ممثلتين لديهما الجراءة والقدرة على التعامل أمام الناس دون قلق ''التعامل مع الشارع مش سهل'' وجدتهما ثم انغمست بأناملها في غزل فستانين لهما، قبل أن تُحيك بحذر نبات الصبار عليهما بخيوط قوية ''الموضوع مرهق جدًا.. بيأخد مني ساعات قبل ما يكون جاهز''، ثم انطلقوا إلى ميدان عابدين.
''ذهول، خوف إنهم يسألوا، ونظرات غريبة، وناس جات اتصورت معانا'' ردود فعل متباينة شعرت بها ''ياسمين'' عند المتجمهرين حولهم، وهناك من أعطى لهم دروس وعظية عن عدم قيمة ما يقدمونه، وآخرين وجهوا إليهم السباب قبل أن يتركوهم، بينما كانت تشعر بالفرحة لتمكنها من عرض وجهة نظرها واكتساب خبرة التعامل مع الجمهور.
رغم أن ''رداء الصبار'' لديه القدرة على إيذاء من يمد يديه على جسد فتاة، إلا أن ''ياسمين'' لا ترى أنه حل للأزمة ''هو رسالة رمزية أكتر منه وسيلة حماية''، بالإضافة إلى صعوبة الاعتماد عليه كرداء للفتيات لأنه سيجرحهن قبل أن يجرح المتطاولين بالأيدي ''البنات حصلها خدوش خلال عرض الفكرة''.
بوجه غاضب كانت ''سمر حسن'' إحدى الفتاتين اللاتين ترتديان ''رداء الصبار''، تقف في ''الفن ميدان''، لا تنظر لأحد، ولا تتفاعل مع أحد، فقط تعرض رسالتها التي أمنت بها مع ''ياسمين المليجي'' ورفيقتها الأخرى ''إسراء الغزالي''، تصف تلك اللحظات قائلة '' كل ما بفتكر أنا واقفة ليه ولابسة كدا عشان إيه كنت بحس إني غضبانة جدًا''.
الفكرة بالنسبة لها فكرة جديدة وغريبة تحوي هدف نبيل، وتروي شغفها كممثلة في الظهور أمام الناس والتواصل مع أفكارهم ''إنك تشوف رد الفعل قدامك دا شيء حلو جدًا''، رغم كل ما تعرضوا له من مضايقات ''خدنا تريقة في الأول وناس قالتلنا إنتوا جايين من عزبة النخل''.
تتمنى ''سمر'' أن تكرر الظهور بـ''رداء الصبار'' في أماكن كثيرة ''عايزين الفكرة توصل لأكبر عدد ممكن من الناس''، تعتقد أنه لابد من وجود رادع حقيقي لوقف جريمة التحرش ''أنا مش هأفضل أتعامل مع الموضوع بسلمية طول الوقت''.
ردًا على فيديو ''التحرش بفتاة المرج''.. الأمن: جيرانها كانوا يهرجون معها