كتبت - ندى سامي:
تجلس على كرسيها الخشبي تنادى على ما تبقى من بضاعتها، وترش قطرات الماء على خضرواتها حتى لا تذبل ''فرحانة محمد'' السيدة الخمسينية التي تعمل بائعة خضار منذ عشرون عام، مستنكره زيادة الأسعار ''الحكومة هتولع الأسعار'' تتنقل بين الأسواق والمهنة واحدة، تخرج في الصباح الباكر تشترى بضاعتها وتدفع نصف المبلغ وتعود إلى السوق تنتظر التاجر يرسل لها البضاعة.
سمعت كغيرها بخبر ارتفاع أسعار الوقود في البداية لم تلق بالًا، وفي اليوم التالي كعادتها نزلت إلى عملها لتصطدم بسائق ''التكتوك'' يخبرها بزيادة الأجرة فعندما سألته عن السبب أخبرها بارتفاع أسعار الوقود، في ذلك الوقت أيقنت فرحانة أنها ستكون من المتضررات من ارتفاع أسعار الوقود، وتمنت ألا تطول تلك الزيادة خضرواتها.
اشترت بضاعتها وذهبت إلى السوق في انتظارها، وبعد ساعتين وصل التاجر، ولكنه أخبرها أن سعر المائة رابطة من الجرجير والبقدونس ازداد خمسة جنيهات، فأصبح سعرهما 40 جنيهًا بدلًا من 35 جنية، بسبب ارتفاع أسعار البنزين حاولت أن تقنع التاجر أن مكسبها اليومي يكفيها بالكاد أموال المواصلات وإطعام أولادها الستة، ولكن بائت محاولاتها بالفشل، وأخبرها أن الزيادة لازالت في البداية، وأنه سيرسل لها بضاعة كل يومين ليوفر عليها أموال النقل.
أعربت بائعة الخضار عن توجسها من هذه الزيادة التى ستؤثر عليها، ''مفروض يرحموا الغلابة اللي بيجيبوا قوت يومهم بالعافية''، موضحة أنها ستضطر أن تترك ميزانها وبعض مستلزماتها على الرصيف في السوق ولا تعود بها إلى المنزل كل يوم نظرًا لأن ''التكوتوك'' وسيله مواصلاتها الوحيدة يصر على أن تأخذه بشكل خاص وتتحمل التكلفة بمفردها ولا يركب معها أحد، ومع زيادة التسعيرة سيأخذ منها الضعف ''الكام جنيه الزيادة دول هيفرقو معايا''.
''علشان خاطر السيسي كله بجنيه'' بصوته الجهوري يقف ''حمادة'' يزن الخضروات على الميزان، ويقلبه ليبحث عن الخضار الذى أفسدته حرارة الشمس ويلقيه في القمامة، معلقًا على ارتفاع أسعار الوقود ''التقيل لسه جى ورا''، موضحًا أنه لم يقم بزيادة تسعيرة الخضروات، وأنه سيتحمل مسئولية الزيادة التى سيقوم التاجر الذي يقل البضائع بوضعها على سعر النقل، ''علشان الزباين متطفش من عندى''.
حصل على دبلوم تجارة، وقرر أن يساعد والدته في العمل، يبات ليلته في المحل الذى ورثة عن أبيه نظرًا لبعد منزله عن مكان السوق، حيث يقتن في ''شبرامنت''، وتذهب والدته في الصباح تحضر البضائع من السوق الكامن في 6 أكتوبر، لتنتهي مهمتها عند هذا القدر، فيقوم الفتى العشريني بفرز الخضروات، ووضع الأسعار عليها، وتقليل من سعر البضائع القديمة، ويبدأ في البيع من التاسعة صباحًا حيث بداية حركة الأرجل في السوق.
وجهه البشوش، ومزاحه الدائم مع زبائنه جعله يتواصل معهم في أحاديثهم اليومية عن الشئون الحياتية، لا يكل من إلحاح البعض من تقليل ثمن البضائع، فتقف ''أم مريم'' إحدى الزبائن معترضة على ارتفاع سعر الخيار ''زودوا المعاش 10% وغلو الأسعار 50%''، مستنكرة زيادة تسعيرة المواصلات نظرًا لإرتفاع سعر الوقود مستطردة ''ولسه كمان هيزودوا الأسعار على العيد''، فيعلق ''حمادة'' على حديثها ''السيسي قال هدينا، ولازم نستحمل''.
''سوق الخضار'' للأسعار.. يا أهلًا بالمعارك
منوعات -
فرحانة محمد