كتبت- يسرا سلامة:
الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، وبعضها الآخر سجنًا لمردديه، ليس بين أسوار سجن ولكن في دوائر من الجدل، أحاطت به كالخطيئة، مرة ترده عن دينه، وأخرى تفرق بينه وبين زوجته، ومرات تدخله في صراعات مع أقطاب من الفكر والكلمة، جعلت ''نصر حامد أبو زيد'' مفكرًا بدرجة مجادل، حيًا وميتًا.
لم يكتف ابن مدينة طنطا، والذي توفي في الخامس من يوليو 2010- بشهادة دبلوم اللاسلكي؛ بسبب ضيق يد أسرته للإنفاق على تعليمه، ليتحدى هو ذات اليد ويعمل لفترة فني لاسلكي لفترة تزيد عن عشر سنوات في شبابه، حتي يقوى على تكاليف العلم، ويحصل على الليسانس في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة بتقدير امتياز، ليترقى في مراتب الأستاذية، حتى مرتبة الشرف الاولى في قسم الدراسات الإسلامية بالكلية نفسها.
ومن قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، ذاع صيت مؤلفات ''أبو زيد'' بسرعة وسط أبناء الوسط الثقافي، لتحدث مؤلفاته حركة بين الماء الراكد، وضعته مع أول صدام مع لجنة الأبحاث من الأساتذة للحصول على درجة الأستاذية، ليتهمه الدكتور ''عبد الصبور شاهين'' في تقريره بالكفر، لتمتد فترة الجدل بينهما لتخرج إلى الإعلام والصحافة من قلب أروقة البحث الأدبي، لتلاحقه الاتهامات بالإلحاد، فيقول عنه الداعية السعودي ''عبد الرحمن الشهري'' ''خرج من مصر مُيمِّماً وجههُ شطرَ أوروبا طالباً للحريَّة الفكرية والسياسية''، لما كان من انتقادات لـ''أبو زيد'' للفكر الوهابي.
من أشهر ما قال ''أبو زيد'' :'' ''آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان''، لينتقد أستاذ الدراسات الإسلامية التدين في مصر ''''المساجد ممتلئة، بدأت النساء يتحجبن، مؤسسات الدولة أصبحت أكثر إسلاماً، لكن كل كذلك لا يعدو كونه تديناً يفتقر إلى البعد الروحي، خال من أي روح''.
رؤية ''أبو زيد'' للدين كانت جٌل أزمته، فهو يرى ''أن نص الدين الأصلي منتج ثقافي، بمعنى أن الله يخاطب البشر وفقاً لثقافتهم''، لتكن رؤيته محل نقد وجدال، وعلى الرغم من حصول ''أبو زيد'' على درجة الأستاذية، إلا أن محكمة استئناف القاهرة في عام 1999 حكمًا بتطليق زوجته الدكتورة في الأدب الفرنسي ''ابتهال يونس'' منه، واعتباره مرتدًا عن الإسلام، لما يتضمن أبحاثه ''كفراً صريحاً فيكون مرتداً''، ليقضي فترة من عمره مع زوجته في منفاه في هولندا.
كان للمثقف المصري أراء سياسية واضحة في المشهد آنذاك، حيث دافع ''أبو زيد'' عن حزب الله ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، ودافع عن الإخوان المسلمين في مصر ضد القمع وقتها، وكان ينتقد ما تشنه إسرائيل من حربًا على الفلسطينيين العزل، اشتهر ''أبو زيد'' بعدد من المؤلفات أشهرها ''نقد الخطاب الديني'' و''التفكير في زمن التكفير'' و''الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسيطة''
عمل ''أبو زيد'' أستاذا للدراسات الإسلامية بجامعة ''لايدن'' بمنفاه في هولندا، ليتوفى في أرض وطنه بعد أسبوعين من قدومه من منفاه، عن عمر يناهز 67 عاما، بعد صراع طويل مع مرض فيروسي عجز الأطباء عن تشخيصه، ليستمر الجدل حول وفاته، ويدفن في قريته بطنطا.
''نصر حامد أبو زيد''.. المثير للجدل حيًا وميتًا ''بروفايل''
منوعات -
نصر حامد أبو زيد