كتبت-دعاء الفولي:
عقب أن يهدأ ضجيج المنزل المتسع الكائن بمحافظة القليوبية، تبدأ نشاطها شبه اليومي، القط ''مانو'' يربض أسفل قدميها متحفزًا، أمامها على الطاولة ''ميكروفون''، جهاز حاسب آلي، كوب من مشروب الينسون الدافيء، ورق أبيض، كلماته مطبوعة باللون الأسود، حشرجة بسيطة في صوت الفتاة العشرينية، تمحوها نحنحة قبل البدء، تعرف ''أماني عيسى'' يقينًا أنها تُحب ما تفعل، بداخل كلمات الكتب تقضي أوقاتها، هم الأصدقاء، لا ينقطع شغفها بهم؛ فتقرأهم بصوتها.
منذ ما يقارب العامين، بدأت ''عيسى'' تسجيل بعض المقتطفات من الكتب ''قلت أجرّب''، كونها قد درست في بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام، جامعة 6 أكتوبر، سهّل المهمة كثيرًا، لم تضع في اعتبارها اختيار الكتب لأسس معينة ''بختار الحاجات الأقرب ليا''، ''رحلتي من الشك إلى الإيمان''، للدكتور ''مصطفى محمود'' هو أول ما سجّلت، من أسبوع لأسبوعين هي المدة التي يستغرقها إنتاج الكتاب ''بس الموضوع بيختلف تبعًا لحجم الكتاب نفسه''.
اليوتيوب كان قناة التواصل بين الفتاة والمستمعين، اعتمدت عليه في البداية قبل أن تأتيها ردود الفعل على أول تسجيل ''لقيت الناس متابعة فكملت''، رغم بعض الملاحظات على الآداء ''كان فيه مشكلة إن صوت الموسيقى المُلحقة بالتسجيل عالية شوية.. فحاولت أخلي بالي بعد كدة''، لا تعتمد القارئة على الكتب فقط ''فيه مقتطفات ومقالات''، وهو إنتاجها الأكبر، حيث سجلت العديد منها كمقال ''إجتلاء العيد'' لمصطفى صادق الرافعي.
لـ''عيسى'' تسجيلات مُفضلة ''زي حلم رجل مضحك لديستوفيسكي''، هو أكثر تسجيلاتها مشاهدة على يوتيوب، في مرحلة معينة، أيقنت أن موقع اليوتيوب لا يكفي فاتجهت لموقعي التواصل الاجتماعي الأشهر ''فيس بوك'' و''تويتر''، وألحقت بهما موقع التسجيلات الصوتية ساوند كلاود.
''إقرأ بودانك'' هو اسم الصفحة التي أطلقتها، بها ما يقارب النصف مليون مُتابع، تعتمد فيها بشكل أساسي على إنتاجاتها الصوتية، بجانب بعض الجُمل الأدبية والصور، وكذلك الحال في المواقع الأخرى، لم تُفكر الفتاة في العقبات التي ستواجهها حال البدء في التسجيل ''مكنتش بعرف مونتاج وطبعًا الصوت اتحسن كتير''، لدرء الصدع في تقطيع التسجيلات، تعلمت المونتاج بأحد الكورسات المخصصة لذلك، أما فيما يتعلق بالصوت ''مخدتش أي دروس، معتمدة على إني درست مخارج الحروف في الكلية فقط''.
ثلاث كُتُب كاملة، وأكثر من ثلاثين مقالًا ومقتطف من كُتاب مختلفين، بين ''مصطفى لطفي المنفلوطي''، ''محمد الغزالي''، ''جبران خليل جبران'' وغيرهم، تختار ما ستقرأ قبل التسجيل بوقت قليل ''وممكن فجأة أغير رأيي وأقرأ شيء تاني''، لم تستخدم تسجيلاتها حت ىالآن سوى بشكل ترفيهي ''مفكرتش أسجل للناس اللي بيدرسوا عشان يسمعوا الكتب.. دة محتاج تدريب أكبر''.
طقوس لا تخلو منها حياة ''عيسى''، لا يمكنها إنجاز التسجيلات دونها ''مبعرفش أبدأ إلا لما بيت ينام عشان الهدوء''، الأدوات البسيطة التي تستخدمها لا تُقلل الإبداع، طالما أنها ترى تعليقات جيدة على ما تفعل ''رأي الناس وانبساطهم من اللي بسجله يستاهل التعب''، لا يخلُ المشهد من مداعبات القط ''بحاول أهرب منه وأدخل الأوضة بيدخل برضو ويقعد جنبي وأحيانًا جنب المايك''، على وقع صوتها الهاديء ينام ''مانو'' ''فبضطر أشيل صوته من التسجيلات بعد كدة في المونتاج''، تقولها ضاحكةً.