كتبت - ندى سامي:
فكرت أن تكتب عن ذاتها بضمير الغائب، خوفًا من أن تمس مشاعر أقرب الأقربين لها، ولكنها اتخذت في مقابل الخوف على مشاعرهم قرار شجاعا في عرض تجاربها وشرعت في تدوين ''حضن العمر'' سيرتها الذاتية لتكون زخرًا يفتخر به ذويها.
فتحية العسال ''أم الغلابة'' عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب ورئيس جمعية الكاتبات المصريات، وأمين عام اتحاد النساء التقدمي، التي زهقت روحها إلى بارئها صباح اليوم الأحد.
في أجواء مليئة بالمشاحنات، فتحت العسال عيونها منذ 81 عاما لتعيش برأة طفولتها وسط صخب حياتها الأسرية، وخيانة أبيها لأمها، ودفعت ضريبة انتمائها لجنس النساء باسم التقاليد وتحت مظلة العادات فحرمت من التعليم، وساهم أخيها حسنى في زرع العنف في نفس الطفلة التي لم تتطلع لسوى الوقوف في النافذة لتتنسم هواء الصباح، فينهال عليها ويقص خُصلة من شعرها كعقاب على الجرم التي قامت به، عنفوان الشباب ونبض الوطنية دفعاها في أن تشارك في مظاهرات مناهضة للاحتلال الانجليزي، فتعنف من قبل أخيها ويمنعها من الخروج من المنزل، لتكون هي الواقعة الأكثر تأثيرًا في حياة الكاتبة.
تسرد فتحية في الفصل الثاني من سيرتها، تفاصيل اعتقال زوجها الكاتب عبد الله الطوخي، ومدى البؤس التى عاشت فيه بدون شريك حياتها، وكأنها تواجه الحياة لأول مرة بمفردها، فمنذ ذلك الحين انخرطت في العمل الجماهيري وأصبحت مسؤولة عن لجنة العائلات التي تتابع أخبار ذويها المعتقلين، فكانت بمثابة حلقت الوصل بين ساكني المعتقلات ومن بالخارج، ودخلت مجال الحياة الحزبية السرية، ودفاعها عن حقوق المعتقلين ألقت بها 14 يومًا هي ورضيعها على ''برش'' بقسم المطرية، لمحاولتها للوصول إلى محمد نجيب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت.
57 مسلسلا و10 مسرحيات هو نتاج إبداع الكاتبة الكبيرة على مدار عقودها الثمانية، فتنوعت أعمالها ولكنها حملت جميعها الدفاع عن حقوق المرأة وتسليط الضوء على المهمشين، فحصل مسلسل لحظة صدق جائزة أفضل مسلسل مصري لعام 1975، ومسرحية ''سجن النسا'' والتي دأبت مريم ناعوم لتحويلها لعمل درامي يعرض على شاشات التليفزيون في شهر رمضان لهذا العام، لتبقي قصة السجانة التي اضطرت للعمل بهذه الوظيفة لإيجاد مكان للإقامة عالقًا في أذهان محبيها، بعد وفاتها