كتبت-إشراق أحمد:
في هرج الزحام ينزوي البعض بأفكاره، يلتمس السكون، يستدعي أحلامه، بها يُحدِث جلبة موازية، تداعب عزلته المؤقتة عن واقع متخم بالأحداث السياسية، ينجرف معه البعض متناسين أنفسهم، وتهمله فئة ثانية، ومنه يقنت أخرون حد ''الإحباط''، وما بين هؤلاء تقف ''ندى جمال''، و''مريم محمد''، تشدا أزر بعضهما البعض باليقين أن ''لو بطلنا نحلم نموت''.
''حاجات نفسي أعملها قبل ما أموت'' دعوة أطلقها الصديقتان على ''فيسبوك'' أرادوا مشاركة ''الناس أحلامهم المدفونة، التايهة وسط مشاكلهم الكتيرة''، إضافة أصدقاء الكلية والأقارب، ليتبادلون طموحهم، يبعثون في النفوس الأمل كان هدفهم، لكن فور طرح الدعوة ''في خلال نص ساعة كان الايفينت موجود وفيه مئات''، إقبال لم تتوقعاه حيث بلغ عدد المشاركين 80 ألف شخص.
الأربعاء 30 مايو الماضي، الثالثة عصرًا أخذت ''ندى'' تتجول بين تغريدات ''تويتر''؛ ''حاجات نفسي أعملها قبل ما أموت'' قرأت الفتاة العبارة المدونة بصورة ''هاشتاج''، انجذبت إلى الفكرة التي طالما كانت حديث متبادل مع صديقتها ''مريم''، فانطلقت إليها تحدثها ''شوفتي ده''، وبمجرد أن نفت لرفيقتها وجود صفحة خاصة على ''فيسبوك''، تبادر إلى ذهنهما الفكر في اللحظة ذاتها ''تيجي نعمل إيفينت''.
''نفسي أسافر..أدخل كلية..أتخرج..أرضى ربنا..أهلي يحبوني زي زمان..أموت..أعيش قبل ما أموت..أمي تصدق إني مابشربش سجاير....'' أمنيات جمعتها الصفحة، ما بين الجد والهزل تابعت الفتاتان المشاركات، لم يخل الأمر من السياسة و''الشتايم'' التي يلجئان إلى مسحها بين الحين والآخر، لكن ما أزعجهما هو حالة الإحباط التي يتعمد البعض بثها، ''أبقى قابلني'' تعليق تكرر على الأحلام المكتوبة بالصفحة دفع ''ندى'' للتعجب ''إزاى في ناس تدخل تحبط حد متعرفوش كدة لله في لله''.
ترى ''ندى'' أن بساطة الفكرة هو ما دفع الكثير للمشاركة ''الناس لقت فرصة مش بتجيلها كتير على أرض الواقع''، بينما المشكلة التي رصدتها ''مريم''، تحول الحقوق إلى أحلام، ورؤية الناس لكثير منها رغم ''بساطتها'' على أنها ''صعبة''.
الصفحة بالنسبة لطالبتي ''الألسن'' طاقة استمدا منها الكثير حتى باتت ''زي ابني'' كما قالت ''ندى''، تفاعلا معها بشكل كبير مع تزايد المشاركات بالأحلام، أدركا أنهما يمكنهما التأثير في حياة الناس، ورغم إحساس الفرح بالاستمتاع بقراءة أحلام الآخرين، وكلمات الشكر المرسلة إليهم من البعض لكونهم سببهم في تذكيرهم أنهم ''لسه عايشين وممكن يحلموا'' غير أن الحزن يتملك من الصديقتين بالتفكير أن المسألة ''شوية دوشة'' حينما تنتهى تعود الأمور إلى نصابها.
''في أحلام خلتنا ندمع وأحلام ضحكتنا بجد''، فأكثر ما أثر بـ''ندى'' أحلام جاءت متمنية أن يكونوا من الجيل المحرر للقدس، وأن ''قرايبي يخرجوا من المعتقل''، وكلمات البعض ''بنفسي أعرف أتحرك تاني وانط في كل حتة''؛ كما أن البعض اعتبر الصفحة فرصة للتعبير عن أمنيات ولو كانت مستحيلة التحقيق، حال حلم البعض في رؤية أبائهم ''لحظة واحدة''.
للصديقتين اللتين سبق لهما إنشاء صفحة عن الإيجابية أحلام كذلك، ''الله. الوطن. أهلي.أصحابي.الشغل في الخارجية'' قالتها ''مريم'' ساخرة من أمنيتها الأخيرة، موقنة في الوقت ذاته بإمكانية تحقيقها، مع أمل تشارك فيه رفيقتها، من التأثير بالمجتمع وتوصيل فكرة أن الحياة قصيرة، فهم لا يريدون لأنفسهم وغيرهم ''يموتوا من غير ما أحلامهم تتحق''، وألا تكون الصفحة وما بها من أحلام مجرد فكرة ''عبثية وهمية مركونة على الرف''.