«1» كانوا كفارًا لأنهم كانوا مشركين.
كانوا يعبدون الأصنام تقربًا إلى الله، بعضهم كان يقول نحن غير مؤهلين لعبادة الله بغير واسطة لعظمته ولنقصنا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) «سورة الزمر»، وبعضهم يقول: اتخذنا أصناما على هيئة ملائكة نعبدهم لتشفع لنا وليقربونا إلى الله. وبعضهم كان يقول على كل صنم جن أو شيطان موكل من الله، فإذا أخلصت فى عبادة الصنم سخّر الله هذا الجن أو الشيطان ليقضى حوائجك، وإذا أهملت فى عبادة الصنم أصابك الجن أو الشيطان بنكبة من أمر الله.
كان بعضهم إذن يؤمنون بوجود الله، لكنهم أشركوا فى عبادته أصنامًا وجنًّا وملائكة وشياطين.. فأصبحوا بإشراكهم كفارًا.
لكن من الذى يتحمل وزر سنوات من عبادة الأصنام؟
«2» كان «هُبل» مصنوعًا من العقيق على هيئة إنسان بذراع ناقصة، أكملها سادة قريش فى ما بعد وصنعوا له ذراعًا من الذهب.
وكان واحدًا من ضمن 360 صنمًا يحيطون بالكعبة عندما دخلها المسلمون فى فتح مكة وتم هدمهم جميعًا.
كان صنم «مناة» فى طريق البحر وتولى هدمه بنفسه سيدنا على بن أبى طالب.
كان صنم «العُزَّى» فى منظقة تسمى وادى نخلة، وكان ضخمًا ويصدر عنه أصوات مخيفة (يقال إنه كان مبنيًّا بجذوع الشجر)، توجه إليه خالد بن الوليد، وبينما يهدمه خرجت من داخله حبشية نافشة الشعر يبدو أنها كانت المسؤولة عن إصدار هذه الأصوات.. فقتلها وهدم الصنم.
كان صنم «اللات» فى الطائف وتوجه إليه المغيرة بن شعبة فهدمه.
«إساف ونائلة»..
هما رجل وامرأة ارتكبا الفاحشة داخل الكعبة، فمسخهما الله حجرين، كما تقول الرواية، فما كان من العرب إلا أن وضعوا الحجرين فى حرم الكعبة ليكونا عبرة وعظة لمن تسوِّل له نفسه أن يأتى فعلًا مثل هذا.. وبمرور الوقت أصبحوا يعبدونهما.
طيب.. هل هناك فرق بين الأصنام والأوثان؟
الصنم هو جسم له صورة (كلمة الصنم أصلًا تعنى: حُسن التصوير.. صنم الصورة أى أحسن تصويرها)، أما الوثن فهو جسم بلا صورة.
طيب هل عبد أبو سيدنا النبى هذه الأصنام؟
الإجابات فى كتب السيرة كثيرة.. أحَبُّها إلى قلبى تقول «هذا علم لا ينفع والجهل به لا يضر».
«3»
«القرآن المكى جاء لإحلال العقيدة مكان الغنيمة».. يقول الدكتور محمد عبد الرحمن فى بحثه عن القرآن المكى والقرآن المدنى. فما معنى هذا الكلام؟
لم تكن الأصنام شيئًا مقدسًا تستشهد فى سبيله قريش، لكنها كنت مصدرًا للثروة وأساسًا للاقتصاد، وكان هجوم سيدنا محمد عليها يعنى من وجهة نظرهم المس بعائدات الحج وما يقترن به من مكاسب التجارة والأسواق والمواسم وكون مكة مركزًا تجاريًّا مهمًّا فى طريق التجارة داخل الجزيرة.
لم يكن دفاع قريش عن آلهتهم أمرًا دينيًّا، بل كان أمرًا اقتصاديًّا بحتًا (حاجة كده زى موضوع عجلة الإنتاج).
«وقالوا إن نتبع الهدى معك نُتخطَّف من أرضنا»، إذن لقد أقروا أنه الهدى ثم خافوا أن يطردهم العرب من مكانهم، لأنه مستقَر آلهتهم فيصبحوا مشردين ويفقدوا رزقهم.
لذلك «جاء القرآن المكى لإحلال العقيدة مكان الغنيمة».
«هذا ما وجدنا عليه آباءنا»...
علينا جميعًا يا صديقى إذن، أن نتأمل ما وجدنا عليه آباءنا وأنا متأكد أننا سنجد من بينها أصنامًا.
الأصنام ليست حجارة فقط.. بل قد تكون أفكارًا بالية أو معتقدات خاطئة أو خرافات أو أشخاصًا لا يستحقون التقديس، ففنِّد ما ورثته وتمسك بجواهره وتحرر من أصنامه.
أعرف أن التحرر منها لن يكون سهلًا وقد يقف المجتمع فى وجهك، فمن قبل هناك من اضطروا دفاعًا عن أصنامهم، إلى أن يلقوا بسيدنا إبراهيم فى النار حيًّا.
«4»
كانت العرب تدين بدين سيدنا إبراهيم «الحنيفية» التى تقوم على التوحيد.
كان من بينهم عمرو بن لحى، وهو من سادات قريش، عندما زار الشام وجدها تمتلئ بالأصنام، طلب تفسيرًا، فقالوا له هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا، طلب منهم واحدًا فأعطوه «هبل» وضعه فى صدر الكعبة وأمر الناس بعبادته لعظيم فائدته، ثم تبع عرب الجزيرة كلهم أهل مكة كونهم ولاة بيت الله الحرام.
بعد فترة أسرَّ له أحدهم بأن أصنام قوم نوح، ودًّا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا، مدفونة بجدة، فاستخرجها وجاء بها مكة، فلما جاء الحج دفعها إلى القبائل، فعادت بها إلى أوطانها.. فانتشرت الأصنام بعدها انتشارًا كبيرًا.
بعد ظهور الإسلام بسنوات قال رسول الله «إنه رأى عمرو بن لحى يسير فى النار، وهو يجر أمعاءه خلفه».