بغض النظر عن نتائج تصويت المصريين فى الخارج والتى جاءت فى صالح المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى باكتساح، فإن المرشح الثانى حمدين صباحى يستحق التقدير لتصديه كمرشح رئاسى فى ظل تلك الظروف.
..
ورغم تصريحات حمدين بتفاؤله بالحصول على أصوات كثيرة بل وربما فوزه بمنصب الرئاسة فإنه يعلم ويدرك المزاج العام حاليا.
.. ولعل نتائج تصويت المصريين فى الخارج تبرز هذا المزاج العام الذى يتحدى المرحلة السابقة.
.. ومن هنا تأتى شجاعة حمدين صباحى لإدراكه ذلك، ومع هذا تصدى للترشح للمنصب الرئاسى أمام عبد الفتاح السيسى الذى تم تقديمه كبطل منقذ.
.. ويسعى لمشاركة قطاعات كبيرة أخرى فى الانتخابات غير النسبة الكبرى التى تمثل المزاج العام.
.. وترشُّحه كان ضرورة.
.. ولعله كمنافس رئاسى يسعى لتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وخصوصا «25 يناير» التى بدأ البعض محاولة محوها رغم أنها هى السبب فى «30 يونيو».. لكن تقول إيه على موالسى أى نظام وسلطة!
.. وحمدين صباحى باعتباره رمزًا مهمًّا فى ثورة 25 يناير هو أيضًا ممن ساهموا فى الحركة الشعبية التى أدت إلى 30 يونيو.. فقد كان قياديا مؤثرًا فى جبهة الإنقاذ بتياره الشعبى وكان سباقًا عن أحزاب وقوى أخرى «بينها من يهاجمه الآن» فى موقفه الواضح من تسلط حكم الإخوان.
لقد تصدى حمدين للترشح للرئاسة رغم إدراكه أنه أمام مرشح عتيد وبمزاج عام مغاير لما كان عليه وقت ثورة 25 يناير-بعد تجربة الإخوان الفاشية الفاشلة فى الحكم بعد أن نجحوا فى السطو على الثورة- فى وقت صمت فيه البعض وذهب البعض الآخر إلى تأييد المزاج العام الجديد دون أى شروط أو قيود بما فيها مطالب الثورة الذين ادّعوا أنهم شاركوا فيها سواء ثورة 25 يناير أو 30 يونيو.
.. ومع هذا وجد هجومًا غريبًا وعجيبًا من قوى كان يقودها سواء فى 25 يناير أو ما قبل 30 يونيو فى جبهة الإنقاذ التى كانت إلى حد كبير على مستوى إرادة الشعب فى التصدى للإخوان، ولعل حمدين صباحى ذهب مع الذاهبين فى مظاهرات إلى الاتحادية أكثر من مرة ضد تسلط الإخوان.
.. ويتشجع حمدين ويصمد أمام ذلك الهجوم الغريب وهم الذين يعلمون أنه كان حاضرًا وبقوة فى الانتخابات الماضية ووقف ضد قوى الإخوان وقوى النظام القديم، واستطاع أن يحصل على ما يقرب من 5 ملايين صوت وجاء فى المرتبة الثالثة، ولربما كان من حقه أن يدخل الإعادة فى تلك الانتخابات.
.. ويتشجع حمدين ويصمد فى الاستمرار فى الانتخابات لتقديم درس فى الديمقراطية وزيادة وعى الناخبين بالسلوك الانتخابى وقيم مجتمع ننشده فى إقامة دولة القانون والعدالة والحرية وتداول السلطة.
.. إن تصدى حمدين وإصراره يقدمان نموذجًا ضروريا لنضال من أجل التغيير.
.. فلم يعد هناك وقت فى دولة تسعى للبناء وإقامة مؤسسات ديمقراطية للتفويض على بياض.
لقد أثرى حمدين الانتخابات الرئاسية..
.. ووجود حمدين فى الانتخابات جعل هناك متابعة وحضورا ورقابة.
.. واشتراك حمدين فى الانتخابات الرئاسية جعل العالم ينظر إلى تلك الانتخابات بعين أخرى بعد أن كان يرى أن ما يجرى فى مصر انقلاب.
.. ووجود حمدين فى الانتخابات حتى وإن خسر سيكون له تأثير فى المستقبل.. وفى تشكيل معارضة جديدة بديلة عن المعارضة أو الذين يدّعون المعارضة وكان يجب عليهم الرحيل مع النظام القديم سواء كان نظام مبارك أو نظام الإخوان.
.. إن شجاعة حمدين تستحق الاحترام والتقدير والعمل معه من أجل الديمقراطية ودولة القانون والحريات وبناء مؤسسات الدولة الدستورية.
.. وبئس القوم «الموالسون»!