العصفور الذى قضى عمره فى القفص، لا يغادره، حتى لو فتحت له باب القفص... هكذا يرددون، لإقناع الشباب بعبودية الكبار، باعتبار أنهم اعتادوا العبودية، فلا يستطيعون الاتجاه نحو الحرية. فى حين أنهم «الشباب» ولدوا أحرارًا «على الرغم من أن عمر الثورة لم يبلغ السنوات الأربع، أى أنها لم تدخل كى جى وان بعد»... المقولة يمكن أن تكون صحيحة، بالنسبة إلى العصافير، ولكن بالنسبة إلى البشر فالأمر يختلف، ولو كلّف أحد من يرددون المقولة فى عجرفة وتعالٍ نفسَه، وقلّب صفحات التاريخ، فسيجد أنه لم يحدث عبر التاريخ، أن أتيحت فرصة الحرية أمام عبد فلم يقتنصها. ولكن هناك مقولة أخرى تقول: إنه من السهل ملء كوب فارغ، أما الكوب الممتلئ، فلا يمكن وضع مزيد فيه... ويؤسفنى أن أقول إن كوب الشباب فارغ، ولهذا يسهل ملؤه بأى فكرة ذات بريق، حتى ولو كان بريقًا زائفًا. ثم إن الشباب «وهذه المقولة ستغضبهم» عبد... عبد لعصبيته وتشنّجه وانفعاله، وقلة معلوماته وخبرته، مما يحجب عنه أقوى سلاح... عقله... فى انتخابات ٢٠١٢ خضع الشباب لعبودية الانفعال، فأساء الاختيار، ثم عاد يغضب على اختياره. قلنا بعدها إنه سيتحرّر من انفعاله، وعبوديته لكل من يستثير مشاعره على حساب عقله، ولكنه عاد مرة أخرى يتشنّج وينفعل، على حساب العقل وحساباته، وينسى فى غضبه وتشنّجه أهم ما فى الأمر... مصر... وبعدها يقول فى صلف وتعالٍ إننا العبيد، وهو «العبد لانفعالاته» من حرّرنا!! احسبها مرة بالعقل، يا كل متشنّج، وسل نفسك: هل ترفض منطقًا أم انفعالًا؟!. لو كنت ترفض منطقًا فقد نضجت، أيًّا كان من تختاره، أما لو كنت مطية انفعالية، لكل من يسعى لتوجيهك، والإفادة من انفعالك الاندفاعى. فأنت حتمًا لم تنضج بعد... ولو أنك تضع مصلحة وطن بمستقبله ضحية لغضبك غير الناضج، فأنت تقترب من حافة الحماقة... وربما الخيانة، كما ستدرك مستقبلًا، عندما تنضج وتهدأ. وتفهم... وعندما لا تتشنّج لمصطلح قد لا تدرك أبعاده بالضبط... الآن ربما تغضب من هذا القول، ولكن غدًا ستدرك ما يعنيه... وستدرك فداحة ما تفعله... ولا تتشنّج الآن بأن هذا لن يحدث، فالحياة تمضى وأنت تتطوّر وتنمو، جسديًّا وذهنيًّا، وأفكارك ستنمو أيضًا وتتطوّر، وتضاف إليها الخبرات التى ستكتسبها مع الزمن. اليوم قد تتصوّر أنك تفهم، ولكن لو أن الأيام القادمة لن تضيف إليك شيئًا، فلماذا تحياها؟! حتى الحيوانات الدنيّة تضيف إليها الأيام خبرة، فما بالك بالبشر؟! وعندما تنضج وتكبر وتفهم، اطرح السؤال على نفسك. من كان العبد؟! ومن كان يحتاج إلى أن يتحرّر؟! يومئذ سيكون عليك أن تواجه نفسك... وتجيب... بصدق... وحرية
نبيل فاروق يكتب: عبيد وحرية «2»
مقالات -
د. نبيل فاروق