واضح أن رجال الأعمال يشغلون حيزاً غير هين فى تفكير وتقدير المرشحين الرئاسيين، المشير السيسى تحدث عن مشاريع استثمارية سوف يقومون بها، وهو يتطلع إلى أن يضخوا مليارات فى شرايين الاقتصاد المصرى، حمدين تحدث هو الآخر عن مبالغ سوف يستردها من رجال الأعمال، بالود وبالاتفاق وبالقانون أيضاً وليس قسراً ولا قهراً.
وتختلف الآراء فيما بيننا حول رجال الأعمال، فينا من يراهم مجموعة محظوظة من الأفراد قامت فى عهد مبارك بهبش الاقتصاد والمال العام، ومن ثم وجب أن نسترد منهم ما يمكننا استرداده مما هبشوه، وفينا من يرى أن وجودهم ضرورة ويجب أن يقوموا بإسهام كبير فى مواجهة أزمات الفقر داخل المجتمع ولو من باب «فعل الخير» أو التصدق مما أعطاهم الله، وفينا من يرى أن الوضع العالمى لم يعد يقبل بأن تقوم الدولة بكل شىء، وتقتل جهد الأفراد ومبادراتهم، ولن أتوقف هنا عند الرأى المضمر والصامت لدى البعض من أنه لا مانع من تأميم ثروات رجال الأعمال أو مصادرتها.
وإذا كان لرجال الأعمال دور فى خطط المشير السيسى وفى تفكير حمدين، فإنهم لن يكونوا مجرد جيب أو خزينة تضخ أموالاً فقط، لن نجرد هؤلاء من مشاعرهم الوطنية والإنسانية تجاه الفقراء، أو رغبتهم فى الدفع بوطنهم إلى الأمان، لكن لا أحد يقدم المال دون أن يعرف أين يذهب ولا كيف ولا إلى من..؟ وعلى هذا النحو لابد أن تكون السياسة العامة مواتية لهم وأن يكونوا بدرجة ما قريبين من دوائر صنع القرار.
وقد مر رجال الأعمال بتجربتين خلال عهد مبارك ثم عهد مرسى، عهد مبارك نفسه لم يكن مستقيماً ولا فى مستوى واحد معهم، فى البداية كان هناك تشجيع لرجال الأعمال، لكن المشكلة أن هذا التشجيع ترافق مع سياسة هدم وخصخصة بعض مؤسسات القطاع العام، ومن ثم صار هناك تلازم بين الأمرين فى نظر قطاع واسع من الرأى العام، الأمر الذى جعل البعض ينظرون بتوجس وريبة إلى رجال الأعمال.
أما فى عهد جماعة الإخوان د. مرسى فقد اختلف الأمر، تحول إلى ما يشبه المافيا، دخلت الجماعة للسيطرة ولتطفيش رجال الأعمال ودفع العمال للتمرد عليهم وكان الهدف أن يتم الاستيلاء على بعض المؤسسات كلية أو أن تدخل الجماعة شريكاً بالنصف مع بعضهم مقابل عدم التعرض لهم، فضلاً عن عدد من محاميهم الذين دخلوا فى مساومات «لتخليص» مشاكل بعضهم العالقة من أيام حكم المجلس العسكرى، ونال هؤلاء المحامون الملايين مقابل ذلك الدور.
القاعدة الذهبية أمام الرئيس القادم ألا يكون معادياً فى سياساته وفى أدائه لرجال الأعمال، ذلك أن الدولة لن يمكنها القيام بكل شىء، ودوره أيضاً أن يحميهم من فساد بعض البيروقراطيين، حيث لم يكن يتم الموافقة على تخصيص بعض الأراضى للمشروعات وإنهاء الإجراءات دون ملايين تدفع خارج الأوراق الرسمية.
أما رجال الأعمال، فليتهم يتعلمون الدرس بعدم الاقتراب كثيراً من جهاز الدولة والاندماج فى دائرته العليا، فضلاً عن تصور أحدهم أن بإمكانه أن يطوى الجميع تحت جناحه أو تحت حذائه، حتى لو كان مسنوداً من أعلى، فالمجتمع لن يحتمل ومؤسسات الدولة أو بعضها لن تمرر ذلك ونموذج أحمد عز يجب أن يكون ماثلاً أمام الجميع.