كنت أتمنى -ويتمنى غيرى- أن تكون الانتخابات الرئاسية فرصة لتعظيم الشفافية، ونشر تلك الثقافة عند المصريين، خصوصا السياسيين والمشتغلين بالعمل العام.
أى نعم هناك صعوبة مما ورثناه من نظام فاسد ومستبد كنظام مبارك، الذى كان يعتمد ثقافة الإنكار.. وما يتعلق بها من قهر للمواطنين.
وجرى استغلال ذلك فى فترة حكمه لمزيد من الفساد، بل تعميم إفساد المجتمع، حتى بات الفساد سلوكًا بين المصريين جميعًا فى أى مؤسسة حكومية.
.. وهو الأمر الذى شجع على استغلال المواطن وقهره..
.. وهو الأمر الذى أدى إلى تضخم ثروات بعض المتلطعين على النظام والمقربين منه.
.. وأدى إلى اعتبار البلاد عزبة خاصة بهم يتصرفون فيها كيفما يشاؤون، ما داموا يقدمون فروض الولاء والطاعة لمبارك وعائلته ورئيس ديوانه ووزير إعلامه وأمين حزبه الفاسد.. ومن ثم يشكلون عصابات من المنتفعين يقدمون الهدايا والرشاوى على حساب الشعب.
.. واستطاعوا فى ظل نظام الإنكار أن يصدروا التشريعات التى تحميهم وتجعلهم محتكرين «بالقانون».
.. كما استطاعوا أن يُهربوا أموالهم إلى الخارج بعد أن تهربوا من دفع نصيب الدولة «فى أرباحهم الحرام» على طريقة عصابات المافيا.
.. وشارك مبارك وعائلته فى تهريب الأموال وباعترافات دول مثل سويسرا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبى بإعلانها تجميد أموال رموز نظام مبارك لديها.. ومع هذا لم تستطع الدولة حتى الآن استعادة جنيه واحد من تلك الملايين أو المليارات المهربة.
.. وقل ما شئت عن إنكار جماعة الإخوان.. فكانت تدير البلاد على طريقة تنظيمها السرى.. فهى جماعة لا تعترف بالشفافية أصلا، إنما طاعة المرشد وقيادات الجماعة.
.. هكذا كان مرسى..
.. وكان أعضاء الجماعة الذين أصبحوا فجأة مسؤولين.
وهم الذين تعودوا على العمل السرى والكذب على الناس ما دام فى مصلحة الجماعة، يديرون المؤسسات التى استولوا عليها لصالح الأهل والعشيرة.. وبإنكار الشفافية.
.. ولم يشفع عندهم ثورة خرجت ضد القهر ومن أجل الحرية والعدالة والكرامة ودولة القانون.. وبالطبع لن يتم ذلك إلا بالشفافية والصراحة مع الناس.
.. ومن هنا كانت فرصة انتخابات الرئاسة لنشر ثقافة الشفافية.
.. فبات الجميع يعرف أن مؤسسات الدولة منهارة أو فى خطر بفعل تعفن نظام مبارك وفاشية نظام الإخوان.
لكن لا يعرف الناس تفاصيل ذلك.
.. لا يعرف الناس على سبيل المثال حجم الأموال التى هربها ونهبها نظام مبارك، رغم أنه يمكن الوصول إلى ذلك من خلال حركة الأموال.. وهو ما يمكن للأجهزة رصده.
.. ولا يعرف الناس تفاصيل ما جرى مع مبارك فى أيام ثورة ٢٥ يناير.. وكذلك تفاصيل ما جرى مع مرسى فى ٣٠ يونيو، «أى نعم تم الكشف عن بعضها لكن ما زال هناك كثير مسكوت عنه».
.. فما زالت الشفافية غائبة.
.. فالشعب يريد أن يعرف كل شىء عن مرشحى الرئاسة.. وبشفافية.
.. وكان يمكن استغلال تلك الانتخابات فى بدء نشر ثقافة الشفافية.
تلك الشفافية التى تفضح وتكشف وتحارب الفساد الذى ما زال يتوحش حتى الآن رغم التخلص -شكليا- من رعاته.
.. فالشفافية أيها السادة هى التى ستحقق دولة القانون والعدالة والكرامة.