ما الذى نحتاجه فعلًا من الرئيس القادم؟
حين تعرف ماذا تريد ستعرف ممَّن تريده.
أريد من الرئيس أن يحقِّق مصلحتى كمواطن.
مصلحة مصر هى مجموع مصالح مواطنيها.
مصر تحتاج مَن لا يملك أغلبية فقط، بل يملك إجماعًا. ليس بمعنى الإجماع المترخِّص النفاقى، بل الإجماع الوطنى على دوره، والأغلبية السياسية على جدارته.
مصر تحتاج قبضة تَلكم بالقانون، وهى ذاتها تنفرد فتصير كفًّا تحنو بالقانون، ورأسًا مرفوعًا يعرف متى ينحنى ليضع قُبلة على رأس أم شهيد.
مصر تحتاج رئيسًا قويًّا لا مستقويًا.
أمينًا مستأمَنًا..
مسؤولًا تُسائله، لا خِفَّة لديه تُثقل العبء، ولا مراهقة داخله تضغط على مواقفه، ولا شيخوخة فى أفكاره تعوق قراراته، ولا شىء يحتاج أن يُثبته فيثبت.
لا يقبل أن يبتزَّه المحبون ولا المنافقون ولا المعارضون ولا الناقمون.
مصر تحتاج رجل دولة، كى يُنهى دولة الرجل..
يوقِن أنه قادر لكن ليس مقتدِرًا، أنه قائد لكن ليس فرعونًا، أنه رئيس لكنه ليس سيِّدًا، أنه لن يغلب البلد بل هى غالبةٌ على أمرها، ومغلوبٌ مَن يغلبها.
وأنه يدير الدولة ولا يملكها.
عليه أن يفهم ويتفهَّم ويتفاهم.
يحاور ويناور ويداور ويواجه، كى يقنع الشعب والمجتمع بموقف وقرار، لا أنْ يمليه على طائعين فيطيعوا.
يثق بالمواطن.. ربما المواطن لا يعلم لكنه يحس.
ربما المواطن لا يعرف، لكنه يدرك.
ربما المواطن لا يستوعب، لكنه يصدِّق.
ربما المواطن ليس مؤهَّلًا، لكنه مُتأهِّب.
ربما المواطن لا يستجيب، لكنه وطنى.
تحتاج مصر رئيسًا مشهورًا، الشهرة تملؤه، فلا يسعى إليها ولا تجذبه فيُجذَب إليها. لا تهزُّه الأُبَّهة ولا تغرُّه المَهَابة ولا تُغريه الرهبة.
رئيس يجمع لا يشتِّت، يوحِّد لا يُفَرِّق، يجذب لا ينفِّر، يسمع القول فيَتَّبع أحسنَه.
تريد مصر رئيسًا موزونًا، متوازنًا، ثم له وزن.
يحترم العالم شعبيته، لا يحتاج أن يقيسها بقدر ما يحتاج أن يتعايش معها.
هذه ليست صفات رئيس مثالى، بل صفات رئيس طبيعى.
هذه ليست صفات رئيس لا يخطئ، بل يخطئ وهو يعرف أنه يخطئ، وهو يعترف ويعتذر حين يخطئ، وهو يصحِّح حين يخطئ.
رئيس يحكم وهو يعرف أنه محكوم، محكوم بالدستور وبالقانون وبالناس.
مصر تحتاج رئيسًا تقيِّده حريته فى قصره، وتحرِّره قيوده فى الدستور والقانون.