ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

طارق الشناوي يكتب: تنويعة مَجرية على فيلم هيتشكوك «الطيور»

-  
طارق الشناوي

«الإله الأبيض» يناصر عالم الكلاب ويفضح حماقات البشر!


شاهدتُ الكلب بطل الفيلم لأول مرة على خشبة مسرح قاعة «دى بى سى»، لم يكن يرتدى الببيون كما تقتضى مراسم الاحتفال، ولكنه بدا كأنه مدرك تماما لأهمية تلك اللحظة التاريخية التى دفعت به إلى هذا المهرجان، فلقد كان هو بالفعل بطل الفيلم ومن الواضح أنه مُدرَّب يعرف كيف يقف على قدميه ويردّ على تصفيق وتحية الجماهير بأحسن منها، وبالطبع لم يقف بمفرده كان معه كل أبطال فيلم «الإله الأبيض» المعروض فى قسم «نظرة ما» للمخرج المجرى كورنيل موندوز. عشت حالة من النشوة الفنية التى خاطبت مشاعرى وأطلقت العنان لفكرى، قبلها بساعات قليلة كنت أعايش نشوة أخرى استقرت فى عقلى وأضحكتنى مع فيلم «قصص متوحشة» للمخرج الأرجنتينى داميان زيفرون الذى عُرض فى قسم «المسابقة الرسمية» ويتكون من ستة أجزاء وهى من المرات القليلة التى نرى فيها عدة قصص فى عمل فنى واحد لنفس المخرج ولكنها من الحالات النادرة التى نستمع فيها إلى تصفيق الجمهور بكل صدق فى أعقاب كل حكاية، ستجد فيضًا من الدماء والعنف إلا أنك لن تتوقف عن الضحك. استطاع المخرج أن يضع إطارا على مشاعر الجمهور حتى لا يتفاعل مع الشخصيات ليستمر فى الضحك عليها حتى وهى تلقَى فى النهاية حتفها. دعونا نبدأ حكايتنا أولا مع هذا الكلب الذى خطف الأضواء من الجميع. الكلب هو رمز الوفاء ويتوقع أيضا المعاملة بالمثل، أو فى الحدود الدنيا عدم الغدر به، خيال المخرج المجرى كورنيل موندز جنح به إلى أن يمنح تلك الكائنات عقلا جماعيا يسعى للانتقام من البشر الخائنين، حيث إن الدولة قررت فرض ضرائب على من يحتفظ بنوع معين من الكلاب فقرر أغلبهم التضحية بها وإلقاءها فى العراء، تحولت تلك الكلاب الضالة إلى صفقات عند البعض، ووجدها آخرون تشكل خطرا على حياتهم، بينما قررت الدولة أن تنشر فى الشوارع قوات لاصطياد الكلاب وفرزها ومن ثم بيع الأفضل، وبدأت المطاردات وبدأ المخرج فى رسم ملامح لتلك اللعبة الفنية التى نشاهد فيها الكلاب وهى تمتلك عقلا للهروب من هؤلاء الطامعين فيها، إنها فى المرحلة الأولى لا تطمع إلا فى الدفاع عن النفس أولا والهروب من القيد وليس الانتقام، كما شاهدنا كلبا أبيض اللون صغير الحجم يمتاز بالذكاء ويبدو كأنه العقل المدبر لفكرة الهروب، وبالفعل بحيلة منه ينقذ الكلب البنّى بطل الفيلم الرئيسى. الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد، حيث إنه بينما ارتضى الكلاب بالعيش بعيدا عن تجمعات البشر وخلقت لنفسها عالما جديدا فإن المطاردات لم تتوقف بحجة أنها تثير الرعب، والحقيقة أنها كانت حريصة على أن تعيش بعيدا عن عالم البشر على شرط أن لا يطاردوها، عالم الكلاب يبدو أكثر تسامحا كأنه يتعايش مع الحياة بحلوها ومرّها، إلا أن ممارسات البشر تعلّم الكلاب الشراسة.

شىء من هذا المعنى من الممكن أن تجده فى فيلم هيتشكوك «الطيور» عندما اعتدى البشر على الطيور الآمنة التى لم تفعل شيئا فقررت الطيور المسالمة بطبعها أن تطارد البشر وتحاصر بيوتهم كأنه قد حدث تغيير جينى مفاجئ، لا أقول إن المخرج يستلهم فيلم «الطيور» ولكنه ربما سكن فى لا شعوره، فقرر أن يقدم تنويعة سينمائية تحيل الطيور إلى كلاب.

بطلة الفيلم المراهقة «لى لى» نراها فى البداية بعد أن تصطحبها أمها إلى أبيها الذى انفصلت عنه وتؤكد لها أنها فقط ثلاثة أشهر ستقضيها بعيدا عنها، وهنا نرى تفصيلة إنسانية، حيث إن الأب لا يزال يعتقد أن ابنته مجرد طفلة بينما هى تجاوزت عالم الطفولة بزمن، يقدم لها هدية تصلح للأطفال بينما هى تخبره بأنها قفزت فوق هذا السور، إنه يعمل طبيبا بيطريا وهى تصطحب معها كلبها المفضل الذى لا تستطيع الاستغناء عنه ويقدم المخرج تفاصيل لتلك العلاقة الحميمية مثلا وهى تطعم الكلب من أكلها بينما أبوها يطلب منها أن تطعمه فقط من طعام الكلاب، كذلك عندما تحاول أن يشاركها الكلب سريرها بينما يصر الأب على طرده إلى الحمام. «لى لى» تزداد تعلقا به وتذهب به إلى دار الأوبرا، حيث إنها تتدرب وتعزف على آلة «الأبوا» ولكن صوت الكلب يعلو فيقرر المايسترو طرده فتتمسك به فيطردها معه وتعود بعدها بصحبة أبيها وتعتذر ولكن يظل مصير الكلب يؤرق الجميع، وفى طريق عودتها يجبرها الأب على أن تتركه فى الشارع فى لحظات وداع حرص فيها المخرج على أن نرى خلالها كل ملامح العلاقة الإنسانية والقهر الذى تعرضت له بطلة الفيلم، ثم نراها وهى تضع صورته فى الشوارع لكى يراه أحدهم ويعيده إليها، ونتابع محاولات الدولة فى السيطرة على الكلاب وكانوا يضعون النوع الغالى فى غرف منفردة، ونتابع رحلة الهروب للكلب بطل الفيلم ونشاهد أحد الصعاليك المشردين ينقذه لكى يتاجر به ويبيعه لمن يعلّمون الكلاب الشراسة ويستثمرونها فى مباريات ومراهنات، ونراه يقوم ببرد أنيابه ليصبح أشد شراسة، تلك الأنياب التى نشاهدها تنهش فى كلب آخر هى نفسها الأنياب القاتلة التى وجّهها الكلب ورفاقه بعد ذلك إلى كل من دفع بهم إلى هذا الطريق، وهكذا البشر هم الذين أحالوا الحيوان الأليف إلى شرس، ولم ينته الأمر عند ذلك الحد فلقد بدأ رحلة الانتقام وكان هو القائد ولم تستطع حتى طلقات الرصاص السيطرة عليها، حيث إنها كانت تتحايل عليها، وشاهدنا كيف أن الكلاب تنتقل من الدفاع عن النفس إلى الهجوم كأنها قد تعلمت الدرس من البشر بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع.

الكلب المنتقم استطاع أن يقتل حارسه وأطلق سراح باقى الكلاب وذهب لدار الأوبرا هو وباقى الكلاب وتوقعت «لى لى» أنها جاءت من أجلها، واستقلت عجلتها لتلحق بها وتهدّئ من روعها ولكن كانت ضربات الرصاص تزيد الكلاب شراسة ولا تتمكن «لى لى» من الإمساك بها وكلما زادت الضربات عنفًا ازدادت هى شراسة، كانت الابنة تعلم أن هناك أملا وكنا نعلم كمشاهدين أن الكلب الأبيض يعرف السر ولكن رصاص الشرطة اغتاله كأنه يقتل آخر أمل فى السلام، ولهذا يتوجه باقى الكلاب لحصار مقر عمل والدها الذى تلحق به ابنته ولا يجد أمامه إلا أن يمسك بالنيران وأسطوانة الأكسجين، بينما ابنته تمسك بآلة «الأوبوا» وتبدأ العزف وتطلب من والدها أن يوقِف إشعال النيران وتبدو كأنها تعقد اتفاقا مجددا مع عالم الكلاب ليعود السلام على الأرض على شرط أن تحفظ حقوق حتى من نرى أنهم الأضعف، ولهذا بعد أن استمعوا إلى عزفها ينبطحون أرضا ويبادلها كلبها نظرات التسامح، بينما والدها يدرك أن هناك شفرة جديدة، ويتبادل هو أيضا نظرات التسامح مع الكلاب التى امتلأت بالسكينة وعادت مجددا إلى طبيعتها.

هناك تدريبات للسيطرة عليها والتحرك فى مجاميع، بالطبع يلعب التصوير والمونتاج دورا محوريا وكثيرا ما يلجأ المخرج إلى اللقطات العامة حتى يمنح المتلقى الإحساس بعمق وشراسة المعركة كأنه يقدم جحافل من جيوش الكلاب، ثم ينتقل بعد تلك اللقطات العامة إلى تفصيلات على عيون الكلاب لنرى نظرة التحدى التى تنطق بها فيمنح خصوصية للّقطة، لتصل الرسالة أنه حتى الضعفاء أو من نعتقد أنهم كذلك يحيلهم الظلم إلى قنابل موقوتة تدمر الحياة كلها، فهل وصلت الرسالة، ضاقت المساحة وأستأذنكم فى الغد للحديث عن فيلم «قصص متوحشة».

التعليقات