حينما تولَّى عبد الفتاح السيسى المهمة كان همُّه أن يستعيد شعبية الجيش، وقد فعلها كمعجزة، وقد فعلها بامتياز هو عندى أقصى نجاحًا وأشقُّ تعبًا مما فعله الفريق محمد فوزى حين استعاد قوة وهيبة وشعبية الجيش بعد نكسة يونيو 67.
حين كانت تصلنى دعواته فى فترة حكم مرسى لحضور مناسبات الجيش العامة التى كان يدعو إليها مفكرين وسياسيين وإعلاميين وفنانين، لم أستجب لأى دعوة منها، لكننى كنت أعرف أن وراءها هذا الهدف النبيل من استعادة مكانة الجيش فى قلوب المصريين.
حين كانت صوره تصلنى وهو يجرى مع جنود وضباط الجيش، مرتديًا أَفَرُول القتال، كنت أعرف أنه يعيد تركيب الصورة وتجديدها، ويبنى المهدم ويرمم المتكسِّر ويشكِّل الذهنية العسكرية والشعبية بالقائد الشاب، لا المسنِّ، وبالقائد المشتبِك مع الواقع لا المنفصِل، وبالقائد المتفاعِل مع جنوده لا المنعزل فى مكتبه.
كان المشير السيسى يقول لى ويؤكد أن الشعب سوف يستدعى الجيش مرة أخرى، كان هذا قبل مجىء مرسى أصلًا، كانت الرؤية دقيقة.
وفى «٣٠ يونيو» وما بعدها، كان الرجل يعرف طريق خطواته إلى قلوب الناس.
السيسى يملك حيثيةً لدى الشعب تجعل هذا الشعب متشبِّثًا به بفطرة وبفطنة وبرغبة فى خلاصٍ دفع به دفعًا واندفاعًا إلى الترشح لمقعد الرئاسة.
تؤمن فطرة المصريين العبقرية بأن الرئيس فى اللحظات الصعبة والمنحنيات الخطرة يجب أن لا يكون موضع قلق وتساؤل وريبة وتحت اختبار نصف الشعب، ولا يمكن أن يأتى إلى الحكم بأصوات مضطرَّة أو مضطربة أو مترددة أو متأفِّفة.
كى تمضى مصر فى طريقها تحتاج إلى الثقة.
الثقة فى نفسها.
وفى رئيسها.
وفى طريقها.
مصر-كما يرى كثير من شعبها- تحتاج إلى الرجل صاحب الرؤية وصاحب الخبرة.
تحتاج مصر-كما يعتقد كثير من مواطنيها- إلى رجل خبير ومختبَر فعلا، تم امتحانه فى اتخاذ قرار صعب ومصيرى، وفى موقف دقيق وحرج، وفى رؤية ضبابية وزَلِقَة، وتم اختباره فى إدارة مؤسسة واسعة ومهمة، ثقيلة الوزن وعميقة الجذور، أخرجها من أزمة ومن نفق، وصعد بها من سفح أوشكت أن تتعثر فيه إلى قمة تربَّعت فوقها وأطلَّت منها.