لن تكون صناديق الانتخابات هى آخر المطاف.
ولن تصنع الصناديق ديكتاتورًا جديدًا.
فالصناديق هى جزء من العملية الديمقراطية.. وليست كل الديمقراطية.
فهناك نظام جديد يجرى تشكيله.. وللصناديق دور مهم فى اختيار الرئيس.. واختيار البرلمان بعد ذلك.
ومن هنا تأتى أهمية الرأى العام فى اختياراته عبر الصندوق فى تلك المرحلة الجديدة.
فالصناديق لا تفوّض..
ولكن تختار الأجدر والأقدر فى تلك المرحلة، التى ما زالت مرحلة انتقالية.
فلسنا فى حاجة إلى نسب الديكتاتوريات والتى كانت تصل إلى ٩٩٫٩٪ من الأصوات.
نحن فى حاجة إلى وصول رئيس إلى قصر الرئاسة بنسبة معقولة.. فى الوقت نفسه الذى يشعر فيه بأن هناك من لم يختره.. ومع هذا يحترم الصندوق والأغلبية.
وعلى الناس أن تعلم أن عصر الأغلبية المطلقة قد انتهى..
ومن ثم لم يعد هناك داع للمنافقين والموالسين الذين يمارسون الحشد على طريقة الحزب الوطنى الفاسد وجماعة الإخوان الفاشية..
وأن زمن سوق الناس الغلابة وحشدهم بزجاجة الزيت قد انتهى.
فنحن فى مرحلة جديدة.. مرحلة بناء الدولة ومؤسساتها..
فهناك نظام جديد يجرى تشكيله.
وفى تشكيله تأتى المعارضة أيضًا..
فالمعارضة -للأسف- كما النظام القديم، كان يجب عليها أن تذهب.. فهى فاشلة تمامًا.
فتخيلوا أن المعارضة القائمة ورثناها من نظام مبارك.. واستمرت مع الفترة الانتقالية.. ثم تزاوجت مع الإخوان.. وإن حاولت بعد ذلك أن تنفض يدها مع خروج الشعب ليكشف ويفضح جماعة الإخوان.
إى نعم، هناك معارضة وأحزاب جديدة أنشئت بعد ثورة ٢٥ يناير، وما زالت فى مرحلة البناء.
لكن ما زالت المعارضة ضعيفة..
وهناك معارضة تنازلت عن معارضتها.. وتراهن على مرشح رئاسى لتحاول أن تحافظ على مكتسباتها التى حصلت عليها، سواء فى مرحلة مبارك أو الإخوان.. فلم تتغير!!
فكنت أتمنى على المعارضة أن تضع شروطها لتأييد مرشح رئاسى معين وفق شروط وتعهدات فى مرحلة المستقبل بدلًا من التأييد المجانى، والذى يسعى به رؤساء تلك الأحزاب وأصحابها إلى الحفاظ على مصالحهم الشخصية وبزنسهم الخاص «انظر حولك لترى حال الأحزاب الآن!».
ومن هنا يأتى الرهان الآن على الرأى العام، فى نزوله إلى الصناديق وانتخابه الرئيس الجديد..
فهل سيضع تفويضًا للقادم ليشكل النظام على راحته وبمزاجه، وبنفس معايير أنظمة سابقة، أم سيكون مراقبًا ونذيرًا للقادم من أى خروج على المطالب الشعبية فى تحقيق الديمقراطية والعدالة ودولة القانون؟! بالتدليل على أن هناك نسبة معقولة لم تمنح التفويض وتجعله دائمًا ينظر إلى رأى عام متربص ومراقب ومؤثر فى تشكيل المرحلة المقبلة..
ليت أهل القوى السياسية والأحزاب تعلموا من أجل الشعب!!
وليت الرأى العام يعى ذلك جيدًا ليسهم فى بناء مجتمع ديمقراطى..
فهناك الكثير من مؤسسات الدولة التى سيتم بناؤها فى المرحلة القادمة -ووفقًا للدستور الذى حصل على أغلبية من الشعب- فهل سيتم بناؤها برقابة شعبية؟!
وهل يمكن أن تذهب المخاوف من عودة القهر وما يملكه من رموز النظام القديم ليتحكم مرة أخرى فى القرار؟!
لن يتم ذلك إلا بمراقبة شعبية حقيقية، والتى يمكن أن تبدأ بالصندوق..
فنحن فى حاجة إلى رئيس جاء بانتخابات نزيهة وبنسبة معقولة.. وليس بتفويض يعتبره حقًّا إلهيًّا فيتصرف كما يشاء، وكأنه فى عزبة خاصة، كما كان يدَّعى سابقوه!!
الأمر فى يد الشعب.