هذا كلام قلتُه وفعلتُه.
قلتُه وفعلتُه مع الرئيس السابق.. وطبعًا الأسبق.
أُقرّ وأعترف وأفخر بأننى كنت متربصًا بهما، وها أنا مستعد كذلك للقادم أيًّا كان، السيسى على كل ما أحمله له من تقدير راسخ واحترام حقيقى، أو حمدين رغم صداقة وإعجاب ثلاثين عامًا وإيمان عميق بنضاله الوطنى، فإننى لا أملك إلا أن أتربص بأيِّهما حين يصل إلى مقعد الحكم.
هى مهمة وطنية، ثم هى أولًا مهنة صحفية، أن تتربص بالرئيس دون أن تخالجك ذرة تردد، ولا رائحة ذنب، بل كلما كانت الصحافة والمعارضة أمينة لوطنها، وكلما كانت مخلصة لأفكارها تربصت أكثر.
لا توجد معارضة أو صحافة تراقب وتحاسب وتسائل وتمثل ضمير بلدها فى أى مكان محترم فى العالم الديمقراطى إلا وتتربص برئيس جمهوريتها، إن كانت قراراته صائبة ومواقفه صُلبة وعلاقته بالناس متماسكة وخطواته نحو التقدم والتنمية، كانت مهمة المعارضة والصحافة أصعب، لكن يجب أن لا يأمن الرئيس للمعارضة ولا يطمئن الرئيس أبدًا للصحافة، ويجب أن لا تمنح المعارضة ولا الصحافة للرئيس ثقة مطلقة ولا أمانًا ولا تأمينًا من التصدى له والتربص به. نعم التربص بمعنى أنها تتابعه وتتَّبعه، تلتقط تصرفاته وتتحرى خطواته، تتقصى ما وراء قراراته وتفتش فى أسباب ونصوص قوانينه، وتبذل جهدها السياسى فى تعرية توجهاته إن وجدتْها تستوجب الكشف، وفى كشف عيوبه إن تبينت وجودها، وفى عرض فشله إن تحققت من ثبوته، وتقول للناخبين طول الوقت شوفوا الرئيس بيتصرف إزاى أو بيغلط إزاى، أو والله لغاية دلوقت ماغلطش، لكن إحنا قاعدين له على الواحدة.
السؤال هنا: هل هذا سيعطل الرئيس؟
الإجابة سهلة، فلو كان ما نقوله أو تقوله المعارضة عن الرئيس محض كلام فارغ أو تربُّص مريض أو تلكيك فاضٍ أو حقد حَسَدة أو عبث موتورين فإن أحدًا من الشعب لن يلتفت إليها ولن يعيرها أهمية، وسيمنح ثقته أكثر وأعمق للرئيس.
أما لو كان ما نقوله وتقوله المعارضة مبنيًّا على أدلة ووجيهًا فى منطقه وثابتًا فى رؤيته وصادقًا فى وطنيته فإن هذا سيصحح للرئيس مساره وسيحمى الرئيس من تعثره وسيبنى معه ما تهدم فى الوطن!