عندما يقول المرشح عبد الفتاح السيسى إن فكرة الدولة العسكرية أو الدينية غير متاحة تمامًا.. فيجب التمسّك بذلك جيدًا وأن تعمل القوى السياسية (إذا كانت هناك قوى سياسية) على تأكيد ذلك.
أى نعم، كان هناك السعى إلى بناء دولة دينية فى أثناء حكم الإخوان للأهل والعشيرة والمتحالفين معهم من جماعات شقيقة، تمارس الإرهاب الآن. وقد انتهت تمامًا تلك الدولة «العشيرية» الإخوانية بتحالف شعبى ومؤسسى ضدها فى ثورة 30 يونيو.. وتخلَّص الشعب من فشلهم وجشعهم وغبائهم (ورغم ذلك أصرّوا على غبائهم.. وحاربوا الشعب ومارسوا عمليات إهابية ضده). .. وأى نعم قدّم الإخوان تجربة مريرة بعد ثورة كان يطمع الشعب فى الانتقال السريع من خلالها إلى الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.. وقد حاولوا أن يضحكوا على الشعب بتصريحات برّاقة عن الدولة المدنية فى نفس الوقت الذى كان يسعون فيه إلى هدم مؤسسات الدولة لاحتلالها بمؤسسات تابعة للجماعة ومكتب إرشادها وبناء دولتهم الدينية. وقد انتهت ثورة 30 يونيو تمامًا على هذا المشروع الذى كانت تسهم فيه أطراف أخرى من قوى الإسلام السياسى التى تحاول أن يكون لها موطئ قدم الآن حتى ولو بالنفاق لنظام جديد يتشكَّل. .. هذا شأن الدولة الدينية التى لم يعد لها وجود بأى شكل. .. أما عن الدولة العسكرية والكلام الذى يثيره البعض أحيانًا عن عودتها على يد المرشح عبد الفتاح السيسى.. فها هو ينفى ذلك تمامًا.. ويتعهّد أمام الشعب بأن مستقبل هذا الوطن غير متاح فيه دولة عسكرية. .. فهل انتبهت إلى ذلك القوى السياسية المدنية؟! .. أى نعم سيكون هناك دور عظيم للقوات المسلحة فى عملية التنمية وفى إنجاز عدد من المشروعات.. وهو أمر اتُّبع فى مجتمعات كثيرة من قبل.. خصوصًا أننا ما زلنا فى ما يمكن اعتباره مرحلة انتقالية بعد أن فشلت سنوات الانتقال السابقة وأدَّت إلى انهيار كبير فى مؤسسات الدولة.. وظلَّت مؤسسة الجيش بعيدة عن ذلك الانهيار رغم أنه كان هناك مشروع لذلك، لكن المؤسسة صمدت واستعادت قوتها.. فلا بد من الاعتماد عليها فى المرحلة القادمة فى الإنجاز. ولعل المرشَّح حمدين صباحى سيفعل ذلك أيضًا لو قُدِّر له أن يصبح رئيسًا. .. ولعلّه أيضًا المرشح عبد الفتاح السيسى يؤكد الحريات والديمقراطية باعتبار ذلك مصانًا فى الدستور. .. فها فهو يؤكّد الديمقراطية. .. ويؤكّد الحريات. .. ويذكِّر بالدستور. .. ولعل هذا غائب تمامًا عن القوى السياسية التى أعلن البعض منها تأييده للمرشح عبد الفتاح السيسى. فلم يشترطوا لتأييده ميثاقًا ديمقراطيًّا معتمدًا على الدستور الذى يحدّ كثيرًا من سلطات رئىس الجمهورية ويجعل هناك شركاء له فى اتخاذ القرار ويعظّم من دور البرلمان.. فضلًا عن تعظيمه للحريات العامة. فنحن أمام مؤسسات دولة كادت تنهار ونحن فى حاجة إلى بنائها من جديد. .. وبناء مؤسسات الدولة لا بد أن يجرى بالتوازى مع مؤسسات الديمقراطية والتى نص عليها الدستور. .. فها هو مرة أخرى المرشّح عبد الفتاح السيسى يؤكّد أن الديمقراطية والحريات مصانة بالدستور والقانون. .. ويؤكد أنه لا عودة لدولة عسكرية أو دينية. .. ويؤكد أيضًا أنه لا عودة لنظام ما قبل 25 يناير و30 يونيو. .. فهل يصدِّقون السيسى؟