«الربيع العربى».. عبارة مضللة مثل تعبير «أسلحة الدمار الشامل»، تم اعتمادها وتبنيها دون إعادة نظر من قبل صانعى السياسات الغربية، ولكنها أوشكت الآن على التوقف المروع فى كل مكان تقريباً.
ليبيا فى حالة من الفوضى، وفى سوريا أولئك الذين قاتلوا ضد الرئيس السورى بشار الأسد سلموا «حلب» إلى القوات الحكومية، وربما كنت الدولة الأكثر تخييباً للآمال للجميع هى مصر: الربيع العربى قد تحول إلى أن تكون مجرد أحداث سياسية تعيد تكرار نفسها، وتعمل على تبديل ديكتاتورية عسكرية وحشية بواحدة أخرى.
وفى الانتخابات التى ستجرى فى نهاية مايو الحالى، سيتم انتخاب المشير عبدالفتاح السيسى كرئيس من قبل أولئك الذين سيكلفون أنفسهم عناء التصويت.
فى عام 2011، حدثت انتفاضة شعبية نجحت فى الإطاحة بقائد القوات الجوية حسنى مبارك، ومهدت الطريق لإجراء انتخابات عامة، التى فاز فيها بقناعة- كما توقع معظم الناس- حزب «الحرية والعدالة» التابع لجماعة الإخوان المسلمين.
فاز محمد مرسى رئيساً، وتعين عليه القيام بما وعد به الإخوان المسلمون فى كل مكان، وهو الشروع فى تطبيق برنامج إسلامى بكل حماس، حيث تصبح الشريعة هى الكلمة العليا، وأى شخص يقف فى طريقها تتم إزالته.
قد يكون الإسلاميون فى مصر، بعد أدائهم فى عهد مرسى، قد أصبحوا جماعة مكروهة، ولكن النظام العسكرى الحالى فى مصر لا يكاد يكون أفضل، فهناك الآلاف الذين تم اعتقالهم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، ومما لا شك فيه أنه تتم معاملتهم بقسوة، ولدينا لمحة عن أداء الشرطة السرية المصرية عن أعمالها خلال التظاهرات ضد الرئيس المخلوع حسنى مبارك عام 2011.
وفى مارس الماضى، حكم قاضٍ مصرى بالإعدام على 529 شخصاً بتهمة قتل ضابط شرطة، وفى 28 إبريل الماضى أيضاً حكم نفس القاضى على 683 رجلاً آخر فى قضية منفصلة بإحالتهم للمفتى، ليتفوق عدد تلك الأحكام على أحكام قاضى هتلر المفضل، رولاند فريزلر، بعد أحداث 20 يوليو.
ويخضع مرسى للمحاكمة حالياً إثر مجموعة من الجرائم، بما فى ذلك التجسس، وهو الأمر غير العادى، نظراً إلى أن الإطاحة به ربما كانت بالتنسيق بين الولايات المتحدة والسعوديين.
مثل محاكمة تشارلز الأول عام 1649، رفض مرسى الاعتراف بشرعية المحكمة، وعندما سُئل عن طبيعة مهنته، أجاب أنه «رئيس مصر».
ونشكر الله أن عدم التدخل فى شؤون الدول الأخرى بات تقليداً اخترعناه حديثاً، وبالفعل ظل راسخاً فى السياسة البريطانية، ولكن الغريب أن النخبة السياسية البريطانية تصر على أن الشعب المصرى غير قادر على الاختيار الصحيح فى ظل انتخابات حرة ونزيهة.
* مستشار فى مجال الإرهاب
نقلاً عن مجلة «ذا ويك» البريطانية