أكثر ما تسمعه من البعض اعتراضًا على المرشح عبد الفتاح السيسى أنه فى حالة نجاحه يمكن أن يتحول إلى ديكتاتور مستبد.
هذا التخوف معشش فى أذهان بعض المنتمين إلى القوى الاحتجاجية والسياسية، ولدى بعض من مثقفى البلد..
حسنًا.. هؤلاء يخلقون شبحًا ليهلعوا منه، أو يصنعون طاحونة هواء ليحاربوها!
ليه؟!
أولًا تعالوا نعرف مفردات الديكتاتور، حين نفهم ما الديكتاتورية؟
هى احتكار للسلطة.
ثم صلاحيات مطلقة.
وهى قهر للرأى وعصف بالمعارضين.
ثم هى كذلك صناعة قوانين للاستبداد.
السؤال هنا: هل قرأ أحدكم الدستور الذى أقرَّه الشعب المصرى؟
للأسف يبدو أن البعض فى حُمَّى الغضب العدمى والعبثى ضد كل شىء نسى أن يقرأ الدستور! فالسيسى حتى لو حاول أن يكون ديكتاتورًا فإنه لن يقدر ولن يستطيع.
دعْك من أن الشعب المصرى بعد ثورتين لن يسمح بميلاد ديكتاتور. فضلًا عن أن رئيسًا قادمًا بعد رئيسين فى السجن لن يملك قدرة حتى على التفكير فى أن يستبد، لكن ركِّز فى الدستور لتطمئن إلى شعبك وتقتل شبحك. فمثلًا لا يوجد أى فرصة لاحتكار السلطة، فالمادة التى تمنع انتخاب الرئيس إلا لمدتين فقط لا يمكن تغييرها، ولعلها بدت كذلك كأنها مادة مقدسة لا يملك أحد طرحها أصلًا للتعديل فى استفتاء إطلاقًا.
إذن لا احتكار للسلطة، فضلًا عن أن السيسى حال نجاحه لا ينتمى إلى حزب أو تيار.
ثم لا يملك الرئيس القادم أى صلاحيات مما كان يملكها الرؤساء السابقون، فقد خلع الدستور أنياب صلاحيات الرئيس الذى لم يعد قادرًا على تعيين وزير أو إقالته أو تمرير قانون أو تشريع أو تغيير رئيس أى هيئة قضائية أو رقابية.
فأين هى الصلاحيات التى تجعل من السيسى، إن نجح، ديكتاتورًا؟!
أما قدرة الرئيس على صناعة قوانين للاستبداد ومنع معارضة أو تكميم أفواه فهى ملجومة تمامًا بالبرلمان «ورُّونا شطارتكم فى الانتخابات البرلمانية»، بل إن الرئيس نفسه طبقًا للدستور يمكن محاكمته أو عزله بطلب ثلثى أعضاء البرلمان والإطاحة به فى استفتاء شعبى.
ثم لعلك تتذكر صلاح جاهين، وهو يهتف فى أغنيته الرائعة: «الشارع لنا».
فعندما يكون الشارع لنا، فلا ذرة من خوف من أن يتحول السيسى أو غيره إلى مستبد.
حاوِلوا إذن أن يكون الشارع لنا، فأنتم تسدونه علينا الآن! حسبى الله ونعم الوكيل فيكم.