فى الوقت الذى تطالعنا فيه الأخبار عن الاستقبال الشعبى غير المسبوق، الذى حظى به رئيس الوزراء إبراهيم محلب فى «غينيا بيساو»، وهو لم وربما لن يحظى به فى مصر، تُقدم لنا السينما الفيلم المتواضع الذى تجرى أحداثه فى إفريقيا «مراتى وزوجتى».
من حقك أن تسأل لماذا أكتب أحيانا عن فيلم ردىء أو فى أحسن الأحوال متواضع؟ أليس من الأفضل أن نترك المساحة لعمل فنى يستحق أو لظاهرة فنية أو حتى تظل المساحة بيضاء؟ أليس هذا أفضل للقارئ بدلا من إضاعة وقته؟ وجهة نظر بالطبع جديرة بالتأمل، لكن هناك مسؤولية أستشعرها دائما، وهى ضرورة أن نرصد السينما بحلوها ومرها، لا يمكن أن يمر فيلم دون أن أشاهده، ممكن لظروف متعلقة بإيقاع الحياة أو لضرورة صحفية أن لا أكتب، لكن المؤكد أنى شاهدت وتحملت وتكبدت المشقة، وبين الحين والآخر أستجير بالمثل الشهير «القفة اللى ليها ودنين يشيلها اتنين»، وإيدك معايا عزيزى القارئ نشيل القفة.
تلاحقت عروض الأفلام المصرية فى الأيام الأخيرة، بينما حالة الجمهور النفسية تحول دون ذهابه إلى السينما، نعيش حالة من البرودة فى المشاعر تدفع الناس أكثر لمتابعة شاشة التليفزيون.
لن يستطيع أحد كسر تلك الرتابة إلا عندما تُقدم السينما فيلما يزيح الجليد، وهو بالمناسبة ليس بالضرورة عملا فنيا خالصا، لكن من الممكن أن نرى عملا تجاريا جيد الصنع، الأفلام المعروضة لا تستطيع أن تصفها بالرداءة، التوصيف الأقرب للصحة هو البلادة مثل فيلم «مراتى وزوجتى»، بدأت البلادة مع اختيار العنوان، الذى لا يحمل أى جاذبية، الفيلم كتبه لؤى السيد، وأخرجه معتز الدمرداش، ولن تجد شيئا تستطيع أن تتناوله، والغريب أن البلادة تنتقل مثلا إلى فنان مثل حسن حسنى، الذى صار هو حامل ختم تعميد الجيل الجديد من نجوم الكوميديا، وناظر مدرسة «الروشنة»، الذى تمتد دائرة حضوره عادة العمل الفنى كله، لكنه هذه المرة يؤكد تفشى روح الاستسهال، فهو يقدم الدور فى حالة أقرب إلى التلميذ، الذى يحاول أن يلقى الكلمات، وكأنه يلقى عن نفسه المسؤولية أمام المخرج والمنتج.
لا يؤدى حسن دور البطولة، لكنه والد شيرى عادل زوجة رامز جلال، فهو النجم الذى يتحمل المسؤولية المطلقة عن هذا الفيلم، نحن بصدد سينما مصنوعة «ع القد»، كل شىء خاضع لتلك المعادلة لتخفيض الميزانية حتى فى اختيار الأبطال الشباب الثلاثة من محدودى الأجر، البطل الثالث هو صديق البطل الدائم إدوارد، الذى يتم تسكينه فى تلك المساحة منذ بدء الخليقة، رامز زوج حديث العهد، بينما زوجته شيرى عادل تطمع فى منصب قيادى لجمعية «الأسرة السعيدة»، أو ربما شىء من هذا القبيل، ولن تحظى بالمنصب إلا إذا كانت بالفعل ناجحة داخل أسرتها الصغيرة، ما الذى يفعله الكاتب فى مثل هذه الدائرة المنغلقة، إنه فى العادة يبحث عن مساحة يملأ بها الفراغ، وعندما تعز عليه الأفكار يتوجه إلى إفريقيا بتلك الصورة النمطية عن القبيلة تذكرنى بأوبريت إذاعى «السلطانية» الشهير بـ«تاج الجزيرة وأحمدك يا رب ومرزوق الصرماتى»، الذى يتناول حكاية رجل فقير يتوه فى بحر الظلمات، ويتوجه إلى جزيرة، فينعم عليه أهلها بالكثير وسط الرقصات والموسيقى الفولكلورية، لكنه فى فيلمنا لم يجد غير أن يتزوج البطل من فتاة سوداء عن طريق الخطأ لتتعقد الأمور، وأنت تعرف بالضرورة الباقى حيث تعود الفتاة الإفريقية إلى حبيبها الإفريقى، ويعود رامز إلى شيرين.
لا شىء سوى البلادة تسيطر على الموقف، بالطبع رامز جلال هو رامز جلال، ولهذا ينجح فى البرامج الرمضانية، لأنها تعبر عن شخصيته، الشاب خفيف الظل، الذى لا هم له سوى حبك المقالب، وما شاهدناه هو أيضا مقلب، لكنه غير محبوك يعرض فى رجب!