أكد المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي أن حل المشكلات التي تواجه مصر ليس أمنيا فقط، وإنما لابد من أن يكون هناك وعي يشارك في تشكيله المجتمع بالكامل من خلال فكر وإرادة جمعيين، وذلك خلال رسائله التي وجهها للشعب المصري.
وأوضح السيسي - في رسائله التي أذاعت قناة "القاهرة والناس" الفضائية أجزاء منها - أنه لابد أن يساهم المجتمع في وعي جديد بدلا مما وصفه بـ"الوعي المزيف".. حيث يكون في ذلك دور لكل من الإعلام والمسجد والمدرسة والسياسيين ورجال الحكم (أو رجال الدولة) كي يكون هذا الوعي حقيقي لمواجهة المخاطر الحقيقية.
وعن دور الإعلام وأهمية النقد البناء، قال السيسي إنه ليس ضد أن تتناول وسائل الإعلام أي خطوة من جانب الدولة بالنقد، لكنه طالبها بالمساعدة على إنجاح هذه الخطوة بأن يكون النقد مساهما في التطوير. وأضاف أن انتقاد أو مهاجمة أي خطوة أو فكرة جديدة نبدأ في العمل عليها لن يساعد على إتمامها، فنحن بحاجة إلى استعادة الثقة في أنفسنا وفي المسئولين في هذا البلد.
وطالب السيسي كل من يقدم على إلحاق أي ضرر بأي شيئ أن يفكر في أن الدولة قد لا تمتلك ثمن إصلاحه، ومطالبا أيضا بمراعاة الضوابط الشرعية والإنسانية.
وقال لمن يقدم على ذلك "هل ذلك لأجل نصرة دينك؟.. لن ينتصر الدين بهذه الطريقة.. الدين لا ينتصر على أشلاء الناس.. الدين ينتصر بالبناء.. بالمحبة.. بالرحمة.. بالإخلاص".
كما أكد المرشح الرئاسي على أهمية ربط مؤسسات المجتمع المدني بمؤسسات الدولة الأخرى، مؤكدا أنه لا أحد يرفض أبدا أن تكون هناك مؤسسات وآليات تساهم في تطوير الحياة السياسية في مصر، لكنه يتمنى أن يكون بجانبها منظمات تعمل على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف أن هذه المنظمات يجب أن يكون لها صوت عال بنفس صوت المنظمات السياسية، وذلك لأنه لو لم يكن هناك تكافؤا في الصوتين سيؤثر ذلك سلبا على المنظومة بأكملها.
وشدد على أنه بجانب الملفات السياسية، هناك ملفات بحاجة لنفس الجهد ونفس المعاملة، ولذلك فهو له تحفظ - وليس رفضا - على الفهم وعلى الأداء، موضحا أن الدراسة مرتكزة على أن نجاح مصر يقتصر فقط على أن تكون هناك حياة سياسية ناجحة. وتابع "هذا الكلام به الكثير من الصحة، ولكن هذا ليس كافيا.. فلابد من حياة ناجحة اقتصاديا واجتماعيا ودينيا ناجحة، وإلا يكون هناك خلل كبير".
وتطرق المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي أيضا إلى ضرورة أن تكون القرارات مبنية على دراسات علمية، وأن تكون هناك مراكز للدراسات الاستراتيجية في مصر تثري صانع القرار أو للسياسيين بأفكار ونظريات، لافتا إلى أن مثل هذه المراكز قليلة في مصر، علاوة على أن الموجود منها ليس له دورا فعالا بالدرجة المطلوبة.
وأضاف "نحن بحاجة لذلك.. بحاجة إلى أن يكون هناك بدل المركز عشرة مراكز".
وألمح إلى أن الأحزاب السياسية، التي قال إنه يريد أن تكون لها تأثير ودور حقيقي في الوقت الراهن وفي المستقبل، لابد أن يكون لديها مراكز للدراسات الاستراتيجية تعينها على طرح حلول حقيقية للمشكلات بشكل علمي، لا أن يكون الحل المطروح يسير في اتجاه مغاير للواقع.
وعن أهل النوبة، قال السيسي إنه التقى منذ أيام بعدد منهم، وأعربوا عن شعورهم بالتهميش المتعمد لهم وعدم مراعاة الدولة لهم بشكل مناسب، لافتا إلى أنه استمع إلى مطالبهم ووجد أنها مطالب "إنسان يريد أن يعيش، يريد أن تكون له أرض يزرع فيها يعيش منها هو وأولاده".
وأضاف أنه أوضح خلال لقائه بهم أن الأمر ليس تجاهلا أو عدم رغبة من الدولة في مساعدتهم، وإنما راجع لعدم توفر القدرة الكافية لديها للقيام بذلك.
ونوه إلى أن هناك إشكالية أمنية أيضا لهذه القضية، حيث أن هناك من يستغل هذه القضية بغرض زعزعة الأمن القومي، وذلك بإيهام أهل النوبة بأنهم مهمشين من جانب الدولة وليس لهم مكان بها، وبالتالي فلابد أن يناضلوا للحصول على مكان، ومن ثم يحدث صراع ولا تستريح الدولة أبدا.
وأوضح أن الأمر متعلق بالإشكالية الاقتصادية، وأن هذه الإشكالية هي الملف الذي إذا نجحت فيه الدولة بشكل حقيقي، ستتمكن من إصلاح منظومة مثل التعليم بشكل جيد، لكن ذلك لا يعني أن ينصب العمل على الملف الاقتصادي ويؤجل التعليم إلى أن يتم الانتهاء من ضبط الاقتصاد.
وأردف قائلا "أنا أرى أننا نريد أن نعمل بشكل متوازن.. هذا بجانب هذا.. لكني أقول إن النجاح في الملف الاقتصادي سيساعدني".
ودافع المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي عن حق المواطن في المعرفة، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في أن أصحاب القرار الذين لديهم معطيات تمكنهم من أخذ قرارات معينة; جعلوا المواطن العادي يتصور أنه ليس على قدر المسئولية، موضحا أنه يختلف معهم في ذلك.
وقال إن رجل الشارع مسئول لأن هذه بلده، ولابد أن يعرف، موضحا أنه في السابق كانت ضرورات الأمن القومي تحول دون الحديث في نقاط دقيقة في الكثير من الأمور، لكن المواطنين الآن سيشاركون في القرار بأن يتحملوا نتائجه.
وقال "أتصور أننا بحاجة خلال هذه المرحلة وما يليها إلى التحدث إلى الناس وبالتفاصيل.. ولا نرفض ذلك.. لابد أن يعرفوا ذلك حتى لا يأتي أحد ويعبث في هذه المنطقة".
وألقى السيسي الضوء على ضرورة تماسك المجتمع وصلابته، وأن يحرص كل مواطن على تأدية دوره في مساعدة الآخرين، ومساعدة المحتاج قدر الاستطاعة.
واختتم السيسي رسائله بالتأكيد على أن الدعم الذي تلقته مصر ضخم (في إشارة إلى الدعم من الدول التي ساندت مصر اقتصاديا في الفترة الأخيرة)، لافتا إلى أنه يحب إرجاع الفضل لأصحابه، وذلك من خلال تذكر هذا الفضل والاعتراف به وعدم الانقلاب على صاحبه إذا توقف عن الدعم.