لا شىء ضج منه المصريون، بامتداد الأسبوع الماضى، بقدر ما ضجوا من انقطاع الكهرباء، الذى بلغ أربع أو خمس ساعات يومياً، فى ظروف طقسية قاسية.
والذين تابعوا لقاء المشير مع الإعلاميين، قبل أيام، لابد أنهم قد لاحظوا أن الرجل راح يقدم، بأسلوب سهل، حلاً عملياً للمشكلة، وكان مجمل كلامه يقول إن فى إمكاننا أن نواجهها بسهولة، ودون الحاجة إلى إنشاء محطات توليد جديدة، قد يستغرق بناء الواحدة منها عاماً أو عامين!
وما قال به المشير قلت به أنا هنا، قبل أسابيع، ودخلت من خلاله فى حوار على الورق مع الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، وكان ملخصه أن إحلال لمبات موفرة محل اللمبات العادية، فى كل بيت، كفيل بتوفير 75٪ من الكهرباء المخصصة للإنارة فى كل منزل!
طبعاً.. اللمبة الموفرة غالية، وسعرها يصل تقريباً إلى خمسة أضعاف اللمبة العادية، وبالتالى، فليس كل مواطن قادراً على اقتنائها، وهى المشكلة التى قال المشير إنه ربما يحلها، إذا فاز، بمعاونة الفقراء فى شرائها بأى طريقة.
وهناك مشكلة أخرى قد لا تكون أعقد، وهى أن المصانع التى تنتج اللمبات العادية لا يمكن أن تتوقف عن إنتاجها غداً، أو بعد غد، وإنما هى فى حاجة إلى فترة توفق خلالها أوضاعها على اللمبات الجديدة، وتعمل على تصريف ما لديها من مخزون قديم، ولابد أن هذا كله مفهوم، وصحيح، ليبقى الأصح منه أن نبدأ فى الحل، مادمنا مقتنعين به، ومتفقين عليه، لا أن نظل نتكلم عنه، ونشير إليه، دون أن نبدأ فيه.. وفوراً!
وأخشى أن تكون عبارة «ترشيد الاستهلاك» قد فقدت معناها، بسبب ترديدها طويلاً دون تطبيقها.. تماماً كعبارة «ترشيد الإنفاق» التى نتحدث عنها، ولا نعرفها، أو بمعنى أدق لا نعرفه!
وحين سمعت الأستاذ محمد اليمانى، المتحدث باسم «الكهرباء»، يقول مع الأستاذة عزة مصطفى، فى برنامج «صالة التحرير»، على قناة «صدى البلد» إن تشغيل جهاز التكييف على 25 درجة، مثلاً بدلاً من 18، يوفر كثيراً، سألت نفسى عن السبب الذى يجعل الوزارة على علم بتأثير تصرف من هذا النوع من جانب كل مواطن، ثم لا تقوله من خلال متحدثها إلا بطريقة عابرة هكذا؟!
ففى مصر 8 ملايين جهاز تكييف، ولو أن كل مالك لكل جهاز فيها تصرف على نحو ما أشار المتحدث اليمانى، فسوف نوفر كثيراً، وسوف لا يعرف الظلام طريقه إلى بيوتنا، وإذا عرف الطريق فسوف يكون لساعة، بدلاً من خمس ساعات، ولذلك، فلا يكفى أبداً أن نقرأ على شريط الأخبار، فى الفضائيات، أن الوزارة تناشد المواطنين ترشيد الاستهلاك، فهذا كلام كعدمه، ما لم نشرح لكل مواطن، باستمرار، ومن خلال حملة إعلامية قوية وطويلة النفس، كيف يرشد استهلاكه بالضبط، ثم عائد ترشيده وعواقب عدم الترشيد.
كان مواطن كريم من المنصورة قد طلب أن أنقل إلى الوزير شاكر فكرة تقضى بتحصيل رسم قيمته 1000 جنيه، من كل مواطن يملك جهاز تكييف، ولمرة واحدة فى حياته، وهى فكرة لو تم الأخذ بها، فسوف تكون حصيلتها 8 مليارات جنيه، نعيد بها صيانة محطاتنا القائمة، ونبنى معها محطة أو محطتين!
هى فكرة تستحق المناقشة، سواء أخذنا بها، أو رفضناها، وهى إن دلت على شىء، فإنما تدل على أن هناك أفكاراً كثيرة، وأن الأهم، فى أى منها، أن نأخذ بأكثرها قدرة على التطبيق، وننفذها فى الحال، لا أن نظل نشكو من الحرارة، ومن الظلام!