كان الجمهور ينتظر صوفينار الشهيرة بصوفيناز، بعد أن امتلأت قنوات التواصل الاجتماعى بأغنية «زلزال»، التى رقصت فيها على صوت محمود الليثى وهو يغنى «زلزال زلزال»، تبدو الأغنية كأنها تستعيد أغنية قديمة رددها محمد رشدى ورقصت على إيقاعها نجوى فؤاد، من كلمات حسين السيد وتلحين منير مراد «كعب الغزال»، وفيها مقطع شهير «ما تبطل تمشى بحنية ليقوم زلزال».
فى هذا المشهد الكل يرقص، محمد رجب مع زوجته حورية فرغلى، بينما أخته آيتن عامر ترقص مع عريسها ماهر عصام وتوتة توتة، وهى نهاية لا بأس بها فى إطار سينما تجارية تُقدم نسخة مكررة من عمل فنى ليس لديه طموح خاص، لا الكاتب محمد سمير مبروك، ولا المخرج محمد حمدى، يراهنان على ما هو أبعد. ويظل هذا النوع من الأعمال الفنية له جمهوره، وهى تتحرك فى إطار محدد: الواد المجدع والبت الحلوة، والشرير أو الشريرة، وضابط شرطة يمثل السلطة الجائرة، ولكنه وكالعادة يضع فى المعادلة ضابطا آخر شريفا حتى يضمن موافقة الرقابة، تلك هى المفردات التى تعثر عليها فى كتاب «المطالعة الرشيدة». ويجب أن لا ننتظر من القسط الوافر من الأفلام أن تقفز فوق السور وتخرج بعيدا عن الصندوق، السينما السائدة هى التى يشغل الجزء الأكبر منها الصورة الفنية فى العالم كله، إلا أن الكاتب والمخرج أضافا مشاهد أخرى بعد النهاية السعيدة، حيث ينتقم البطل ممن قتلوا شقيقته فى ليلة عرسها، ثم مشهد المحاكمة الشهير، الذى تتم فيه عادة إدانة الدولة التى لا تحقق العدالة لمواطنيها فيلجؤون إلى اختراق القانون.
ما الهدف من الفيلم؟ أظنه تدشين نجومية محمد رجب، رجب لديه طموح قديم وثأر أيضا قديم، يدفعه إلى تحقيق رقم فى شباك التذاكر، ليتم اعتماده كنجم جماهيرى، له محاولات متعددة إلى مدى يقترب من عشر سنوات فى هذا المجال، فى أفلام مثل «1/8 دستة أشرار» و«كلاشينكوف»، و«المش مهندس حسن»، و«محترم إلا ربع»، والفيلم الأخير لنفس مخرج «سالم أبو أخته» محمد حمدى، ولكنه لم يتحقق حتى الآن كقوة ضاربة يقف فى الصف مع نجوم شباك التذاكر، وأيضا لا تستطيع أن تضعه فى صف قائمة المهزومين، إنه يعيش فى تلك المنطقة الرمادية واسمها «لعل وعسى»، لا هو نجم شباك يدفع شركات الإنتاج إلى المراهنة عليه، وهى مطمئنة، ولا هو أيضا قد حقق فشلا ذريعا يجعل شركات الإنتاج تخشى تكرار المحاولة.
ما الذى يفعله الفنان عادة فى مثل هذه الأحوال؟ ربما يعتقد للوهلة الأولى أن عليه زيادة طاقته الانفعالية، وهو تحديدا ما أقدم عليه رجب، فكان يصل أحيانا إلى مرحلة الانفلات، هناك نبرة صوت حافظ عليها تمنح الشخصية خصوصية ما، ولكنه فى لحظات كان يزيد من الجرعة فى الصوت والحركة، كأنه يصرخ فى التعبير بسبب زيادة «التحابيش»، ووصلنا بالفعل إلى ذلك مع مشهد النهاية، فكان ينطلق من الانفعال المطلوب إلى الافتعال القاتل.
الفيلم بكل مفرداته يقع فى إطار «التيمة» الشعبية واسم الشهرة «الطبخة السبكية»، التى تتحرك عادة فى عالم المهمشين وحتى يزداد التناقض بين الأسود والأبيض، فهى كثيرا ما تجنح إلى أن تمنح البطل فرصة لاختراق عالم الأثرياء، ليصبح واحدا منهم، وتحقق فى نفس اللحظة حلم المتفرج بالانتصار على هذا العالم المخملى.
الرهان فى هذه الأفلام يخضع للقدرة على الجذب التى يحققها النجم الذى يؤدى الشخصية المحورية، هل «سالم أبو أخته» يضمن لمحمد رجب قفزة جماهيرية أبعد؟ أظنه سيظل قبل وبعد الفيلم فى نفس المرحلة المتوسطة، مشروع نجم جماهيرى ينتظر فى منطقة «لعل وعسى»!!