كانت كلمة الاستقرار سيئة السمعة على مدى سنوات نظام مبارك، لأنها كانت مستخدمة لتبرير الركود والجمود. كان الإلحاح الدائم والتكرار اللحوح لكلمة الاستقرار، كأنها هدف الحياة ومنتهى الأمل ومبتغَى الشعب، يغطى ركامًا من الجمود العطن الذى تيبست معه عظام الجسد المصرى.
لكن بعد ثورتين نجد أنفسنا أمام هدف عظيم وغاية كبرى وهو الاستقرار.
الغريب أن العقل المتكلس لا يزال يتعامل مع الاستقرار بذات الفهم الذى تمدَّد وتسيَّد على مدى ثلاثين عامًا، بينما لا يدرك هؤلاء المسخِّفون من حلم الاستقرار أن هذه المرة يبحث المصريون عن الاستقرار الحقيقى، لا الاستقرار المتوهَّم.
عندما تقوم الشعوب وتنتفض بثورة، فإنها تثور من أجل أن تستقر. الثورة ترمى إلى أن يعيش المجتمع على أسس محترمة ثابتة ومستقرة، نحن لا نخترع العجلة، فالثورة قامت كى نصبح مواطنين عاديين زىّ بقية الخلق فى أى بلد محترم. إحنا ماعملناش ثورة عشان نبقى شعبًا من العماليق أو النينجا، عملناها عشان نبقى مثل أى مجتمع، نحن نطلب الاستقرار القائم على العدل والديمقراطية. أنت فاكر أن أيام مبارك كان استقرارًا، بذمتك لو كان استقرارًا فعلا هو ما كنا نحياه أيامها فكيف دفع هذا الاستقرار إلى ثورة؟! الثورات تقوم من مجتمعات قَلِقَة، من دولة مفكَّكة، من شعب متوتر، ومن أوضاع مختلة.
ثار المصريون من أجل الاستقرار، وهذا ما يطالبون به اليوم وينتظرون ممَّن يقدم لهم نفسه رئيسًا لمصر أن يحقق مطلب الاستقرار الحقيقى، وعندما يعلن الشعب المصرى عن رغبته فى أن يستقر المجتمع يفهم المغفلون والغافلون فينا أنه عايز يرجع لأيام مبارك، ألا لعنة الله على الهبل!
اليابان انضربت بقنبلتين وقامت واستقرت. ألمانيا دخلت حربًا ضد العالم وانسحقت ثم قامت واستقرت... كلمة الاستقرار ليست معيبة ولا نقيصة ولا معادية لأهداف الثورة، بل استمرار الثورة يعنى فشل الثورة، وبناء الاستقرار فى البلد هو عين نجاح الثورة!