لنتفق على أن الشعب هو صاحب الفضل فى أن تكون هناك انتخابات رئاسية جديدة تليق بمصر بعد الانتخابات التى سطت عليها الإخوان فى عام 2012، بعد ثورة 25 يناير التى أسقطت الاستبداد.
والشعب هو الذى أسقط جماعة الإخوان ومندوبهم فى قصر الرئاسة.
والشعب هو الذى دفع عبد الفتاح السيسى إلى أن ينضم الجيش إلى الحركة الشعبية والثورة ضد نظام الإخوان فى حكمهم الفاشى.. الذى بدأت الثورة الحقيقية ضدهم عقب الإعلان الدستورى المستبد الذى أصدره محمد مرسى، ليتيح له تأمين البلاد لصالح الأهل والعشيرة.. ومن ثم كانت بداية ثورة 30 يونيو، التى ظهر فيها المشير السيسى كقائد.. ودعته الجماهير إلى أن يتقدم إلى السلطة ويرشح نفسه للرئاسة، رغم أنه لم يكن فى فكره أن يكون رئيسًا «لا يمل المشير عبد الفتاح السيسى من تلك الرواية».
والشعب أيضًا هو الذى قدم حمدين صباحى مرشحا رئاسيا قويا، وذلك بعد أن صعد به فى الانتخابات الرئاسية الماضية إلى الترتيب الثالث، بما يقرب من خمسة ملايين صوت.. مما أهله مرة أخرى لينافس من جديد على المنصب الرفيع.
ولعل ما جرى فى فترة حكم الإخوان.. ومحاولة الجماعة السيطرة على مؤسسات الدولة.. وانحيازها للجماعة على حساب الشعب يعيدنا مرة أخرى إلى المربع صفر من استقلالية مؤسسات الدولة وحيادها فى الانتخابات.
لقد كانت مؤسسات الدولة غير محايدة فى الاستفتاء الذى جرى على دستور الإخوان.. واتبعت ما كان يجرى أيام نظام مبارك.
وحاول الإخوان السيطرة الكاملة على جميع مؤسسات الدولة عن طريق هدمها.. لكن الشعب تنبه وتصدى بقوة.. وهو يطالب الآن بإعادة بناء تلك المؤسسات فى إطار الدولة الحديثة التى لم تتحقق.
فنحن أمام فرصة عظيمة من خلال تلك الانتخابات بتقديم نموذج إلى العالم من ديمقراطية الانتخابات الرئاسية.
وأن تكون تلك الانتخابات الرئاسية بداية لبناء جديد لأجهزة الدولة من خلال حيادها بين المرشحين عبد الفتاح السيسى وحمدين صباحى فى السباق الرئاسى.
فهناك لجنة مستقلة للانتخابات الرئاسية يقودها قضاة عظام يمكن أن تكون نموذجًا فى إدارتها بحياد بين المرشحين فى تلك الانتخابات.
وهناك وزارات ومؤسسات فى الدولة تشارك فى العملية الانتخابية يمكن أيضًا أن تقدم نموذجا للحياد فى الانتخابات.
إى نعم هناك مقاومة نتيجة سلوك تعودت عليه تلك المؤسسات، وبضغوط من داخلها وخارجها.. إلا أننا فى مرحلة جديدة من بناء الدولة.
ونحن أمام امتحان حقيقى لجر البلاد إلى الأمام، ولن يتم ذلك إلا باحترام الاختلاف وحياد مؤسسات الدولة تجاه المرشحين عبد الفتاح السيسى وحمدين صباحى.
فيا أيها الذين فى مؤسسات الدولة «تحيدوا» أثابكم الله.
ويا أيها الذين فى مؤسسات الدولة اتركوا الشعب ينتخب.. فسيختار الأفضل.