هناك فرصة عظيمة للاستفادة من الانتخابات الرئاسية.
ليس فقط فى اختيار وانتخاب رئيس للبلاد فى مرحلة مهمة، ليقودها فى تحقيق التغيير الذى كثيرا ما طالب به الشعب.. ولم يتحقق حتى الآن رغم التخلص من نظام استبدادى فاسد ممثلا فى نظام مبارك وجهازه القمعى، ومشروع توريثه.. وكذلك التخلص من جماعة فاشية كانت تسعى إلى تأميم البلاد لمصلحتها ولسيطرة الأهل والعشيرة بالمتاجرة بالدين.
وإنما فى إثراء المجتمع مرة أخرى بخيال سياسى جديد.
والدفع بشخصيات جديدة بديلا عن الشخصيات التى عفا عليها الزمن..
فما زالت هناك شخصيات تحاول أن تكون فاعلة حتى الآن، وأن يكون لها دور «أى دور» حتى ولو كانت تابعة، مثلما كانت من قبل مع الأنظمة السابقة.. ولعلكم ترون رئيس حزب كان كبيرا يمارس الآن الدور نفسه الذى سبق أن مارسه مع نظام مبارك، الذى قدم له فروض الولاء والطاعة.. وفى حكم المجلس العسكرى استمر فى الدور نفسه، بعد أن حاول أن يرتدى لباس الثورية، بادعائه أنه كان معارضا لنظام مبارك «على الرغم من أنه كان شريكا لنظامه حتى فى بيزنسه الخاص»، بل سعى إلى ترشيح أحد قيادات المجلس العسكرى رئيسا باسم الحزب.. وقدم له تفويضا بذلك.
واستمر على عهده فى منافقة السلطة حتى فى ظل حكم الإخوان «الذى يدعى الآن أنه كان سببا فى التخلص منه، كما يقول ذلك على مبارك».. وقد غافل قيادات جبهة الإنقاذ ليفاجؤوا به فى القصر عند محمد مرسى فى وقت قاطعت فيه الجبهة محمد مرسى وجماعته، وانضمت إلى الشعب فى المطالبة برحيله.. وكله من أجل الحفاظ على مصالحه وبيزنسه الخاص، الذى وصل إلى المليارات بالتغطية السياسية وتبعيته لنظام الحكم.
وهناك شخصيات أفسدت فى مرحلة مبارك تريد أن تعود إلى ممارسة الدور نفسه فى إفساد الناس.. ولعل تلك الانتخابات الرئاسية تكشفهم وتفضحهم أمام الشعب.
وهناك أيضا منافقون وموالسون لكل أنظمة الحكم يريدون أن يعودوا بوظائفهم مع النظام الجديد.. وبالطبع يراهنون هنا على المشير عبد الفتاح السيسى، الذى يجدونه الأوفر حظا فى فرص الفوز بالسباق الرئاسى.
وهناك أيضا من يقود مؤسسات فى الدولة.. ويحاول أن يسير على نفس نهج نظام مبارك الاستبدادى، ونظام الإخوان الفاشى التسلطى، فى الانحياز الكامل لنظام الحكم على حساب الشعب.
فلعل تلك الانتخابات تفضح كل ذلك..
فقد آن الأوان أن يتعلم القائمون على مؤسسات الدولة الحياد بين المرشحين، فهما مرشحان وطنيان مستعدان لخدمة البلاد والشعب.. ومن هنا يجب الاحترام.. وليعلم الجميع أن الشعب وحده هو صاحب القرار.
ولعلنا نستفيد من تلك الانتخابات بالرقابة والمتابعة من جانب المنظمات الدولية والمحلية، ونتعلم أن نحترم ذلك ونعلى منه.
ولعل القوى السياسية تستفيد أيضا بالوجود فى الشارع وأن يكون لها دور فى المراقبة والمتابعة والتشابك مع الشارع، استعدادا للانتخابات البرلمانية.. والاطلاع على مطالب الشعب فى الأمور الحياتية، خصوصا فى المرحلة المقبلة، التى يجرى التلاعب فيها دون معرفة أو دراسة، خصوصا فى القضايا الأساسية مثل: الخبز، والكهرباء، والمياه، والبنزين، والطاقة.. وما يرتبط بهم من دعم يجرى نهبه فى أحيان كثيرة.
ولنجعل انتخابات الرئاسة نقطة انطلاق فى التغيير الذى دفع الشعب من أجله كثيرا.
لقد جرى تغيير فعلى بعد ثورة ٢٥ يناير، واستعاد الشعب إرادته مرة أخرى فى ثورة ٣٠ يونيو.. لكن ما زال كثير لم يتغير.. وهناك من يحاول العودة مرة أخرى إلى الخلف.
فآن الآن أوان التغيير فى كل مسارات الحياة فى مصر، لاستعادة الوطن والبشر والدولة، ودور مصر الذى تم إهداره.
ولن يتم ذلك إلا بالشفافية.
ولعل انتخابات الرئاسة تعلم القائمين على الأمور الشفافية.