العالم فى حاجة إلى مصر.. ومصر فى حاجة إلى العالم.
هى فى حاجة إلى الدولة التى تستعيد عافيتها.. وتمارس دورها فى استقرار المنطقة.
وإلى استعادة دورها فى المنظمات الإقليمية والدولية.
وإلى الدولة الرائدة للعالم العربى.
خصوصًا بعد انهيار دول فى المنطقة.
فلم تَعُد ليبيا هى ليبيا.. وهناك سنوات طويلة لاستعادة ليبيا من الميليشيات والقبائل المسلحة التى تسيطر عليها الآن.. ولم تعد سوريا هى سوريا.. ولا يعلم أحد كيف تتم استعادة سوريا مرة أخرى.. فضلًا عن العشوائية والشلل اللتين عليها أيضًا دول فى المنطقة.. وسعْى البعض لممارسة دور لم يكن أبدًا يليق بها.. ومن ثم تَتبُّع سياسية «التلطيش» التى تصل أحيانًا إلى الخراب.
لقد كانت مصر نقطة جذب للعالم فى ثورتها ضد الاستبداد فى 25 يناير.
وكانت كذلك فى ثورتها فى 30 يونيو للتخلص من حكم دينى فاشٍ، لم يتحمله المصريون عامًا واحدًا.. فكان لا بد من التخلص منه لتعطيله حركة انتقال مصر إلى الدولة المدنية الديمقراطية.
فالعالم فى حاجة إلى مصر العَفيّة، كما أن مصر فى حاجة إلى العالم.
إى نعم هناك بعض من الدول التى كشفت مصر سياستها وفضحت غرضها فى تعطيل البلاد.
لكن تظل علاقة مصر بالعالم عضويًّا، ببشرها وجغرافيتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها.
من هنا تأتى أهمية زيارة المسؤولين المصريين لأمريكا الآن.. وطَرْق أبواب المؤسسات الأمريكية التى حاولت بعض القوى تشويه إرادة الشعب المصرى فى قراره للتخلص من الحكم الاستبدادى والفاشى.
.. ودون شك، علاقة مصر بأمريكا مهمة.. والأهم أن تكون تلك الزيارات فى المرحلة الحالية التى تجهز لاستعادة العلاقة بشكل أفضل، وعلى أساس من الاستقلال واحترام إرادة الشعب المصرى فى نظام حكمه واختياره لحكامه.. وهو ما يمهد للقادم ببناء علاقة تعاون من أجل الشعب المصرى «قد تحكمها المصالح.. نعم».. ولكنها ليست علاقة تابعة، قائمة على تنازلات من أجل غض الطرف عن شكل الحكم كما كان ساريًا فى فترة نظام مبارك، وحتى فى عام حكم الإخوان.
.. ورغم حالة التضييق والمضايقات التى مارسها البعض على مصر بعد ثورة 30 يونيو.. والاتهامات بأن المشهد انقلاب لا ثورة، فإن مصر استطاعت خلال تلك الفترة أن تمهد لعلاقات جديدة قائمة على الاستقلال والاحترام.
فَجَرت استعادة العلاقات مع روسيا.
وجرى شرح الموقف بوضوح للاتحاد الأوروبى الذى تفهَّم كثيرًا الموقف وعاد للمشاركة مع مصر.. ويدخل فى متابعة خريطة الطريق التى تعهدت مصر بها أمام العالم فى الانتقال الديمقراطى بدستور يحظى بتوافق بين القوى السياسية وأطياف الشعب، ومراقبة الانتخابات الرئاسية التى يراهن الشعب عليها كثيرًا فى اختيار رئيس يقود المرحلة القادمة إلى تحقيق الطموحات فى الدولة الحديثة.
وكذلك أيضًا تفهمت دول الاتحاد الإفريقى إلى حد كبير الوضع فى مصر، وحق الشعب فى ثورته ضد الفاشية.
فضلاً عن موقف دول الخليج العربى التى قدمت دعمًا غير محدود للشعب المصرى فى تلك المرحلة.
.. ولقد ساعد على ذلك ما يفعله الإخوان والجماعات الإرهابية المرتبطة بهم من عمليات إرهابية ضد الدولة ومؤسساتها والشعب، بعد أن تمت إزاحتهم عن الحكم.. فكانوا انتقاميين ومارسوا الإرهاب ضد الوطن.
فمصر فى حاجة إلى العالم.. والانفتاح عليه.. وليس أمريكا فقط أو روسيا -وإن كان ذلك مهمًّا جدًا- ولكن فى حاجة إلى دول مثل اليابان وكوريا والصين ودول أسيا.. وبالطبع توثيق العلاقات مع دول إفريقيا التى جرى إهمالها كثيرًا عبر سنوات حكم الاستبداد.
مصر فى حاجة إلى الاستفادة من خبرات تلك الدول التى استطاعت أن تعبر مرحلة شبيهة بما نحن عليه.
.. فى حاجة إلى استعادة النهضة التى أوقفها الاستبداد.
فى حاجة إلى بعثات «كما كان يحدث فى عصر محمد على ومن بعده عبد الناصر»، فى جميع المجالات إلى الدول المتقدمة، وبينها دول كنا نسايرها فى مراحل زمنية قريبة، ولكنها استطاعت أن تعمل وتعبر إلى مسار الدول المتقدمة.
فهناك إرادة شعبية لاستعادة مصر.. وعودتها إلى العالم بدورها وتاريخها وحاضرها وبمستقبلها وبَشرِها.