الجناح المالى فى حملة السيسى هو نفسه الجناح المالى فى سنوات مبارك الأخيرة، لكن دون التراتب المسبق.. الذى كان معتمدا على وجود جمال مبارك/ أحمد عز وزكريا عزمى، ويقوم على الرضا والقرب من أذن مبارك.
الجناح المالى ليس طبقة رأسمالية/ لكنهم مجموعة سعيدة الحظ، قرر مبارك منحها رخص تكوين ثروات.. وظلت هذه الثروات مرتبطة ببركة «مركز النظام» وحاشيته.
وجزء من فشل الإخوان فى الحكم فشلهم فى السيطرة على بقايا الجناح المالى الذى كان مستعدا على الاستمرار تحت حكم المرسى، إلا أن الهلع الإخوانى الذى لا يعرف السيطرة إلا من خلال «التمكين».. أفشل الاتفاق مع الجناح المالى المستهدف «وقد كان محمد فريد خميس من ضيوف طائرة المرسى، ومنصور عامر مؤيدا لمشروع إقليم قناة السويس، وهما فى القلب المتصارع الآن من حملة السيسى..».
المشكلة أن هذا الجناح ما زال كما تركه مبارك «شطار لديهم تصاريح بجمع الثروات»، وبلا وعى ولا رؤية تدافع عن مصالحهم حتى بالمنطق الرأسمالى، لذا فهم دائما فى خدمة الحاكم والمنتصر من حاشيته.. وفى سبيل كسر القانون وتجاوز القواعد لتشغيل شفاطات الأموال.. وحتى لو أدى ذلك إلى إفقار المجتمع وعدم بناء اقتصاد للدولة.
يرى هذا الجناح أن الخروج من النفق سيأتى عبر إدارة الماكينة أو كما يسمونها «عجلة الإنتاج».. دون التفكير كيف تدور؟ وبأى أهداف أو لصالح من؟ وكيف ستغير دورانها حتى لا يصب فى أرصدة طبقة صغيرة حول مركز الحكم، كما تكونت العصابة القديمة؟
المهم العجلة… ودورانها «هنا يتصارع ديناصورات مثل محمد فريد خميس ومنصور عامر ومحمد الأمين»، وهو ما يعنى أن الاستثمار فى حد ذاته وبشكل مطلق بعيد عن التفاصيل هو الحل والأمل. ليس فى نوعه أو خطط التنمية/ الاستثمار يعنى الرزق/ أى ثرى يصرف وعمال يجدون لقمة العيش/ مفاهيم تجعل من البيزنس هو رحلة وطنية. ومصر هى الهدف لا الأموال أو حتى النجاح.
الفرد هنا وطن. والشركة وطن. وكل شىء من أجل مصر.. وللمصريين.. الصحيفة والمجمع الإسكانى ومساحيق الغسيل و... حتى حفاضات الأطفال.
هذه نوعية إعلانات تكرس صورة الدولة المهيمنة دون أن ترى جسدها الضخم. دولة حنونة يسعى الشعب الخامل أمام الشاشة إليها لخدمتها وللاستمتاع بحنانها معا.
ماكينة وطنية... ثقيلة وقاسية رغم حنانها فى شرائح إعلانات تقطعها برامج ومسلسلات تحاول المنافسة فى خدمة الوطن.
منافسة مرهقة.
هل ستعود أو تصلح لنشر الدين أو لإكمال الحملة الرئاسية التى دخلت مرحلة الإثارة ليس فقط بحثا عن مقرها السرى «وصف مؤخرا بأنه ثكنة عسكرية ذات طابع مدنى فى التجمع الخامس..»، لكن بسبب صراع أجنحتها وحيرتهم فى العثور على خطاب.
الصراع حول فراغ سياسى هائل يبتلع كل المحاولات، ووفق مجال تمتص فيه السياسة لصالح ترويج الدين الجديد/ وهذا الصراع يشغل حيز النقاشات السياسية، ويشير إلى صراعات حول المواقع يجسدها الخلاف فى الحملة/ فالاستشاريون اعترضوا على برنامج لم تذكر فيه إلا المشاريع التى يعد بها السيسى/ مشاريع دون مفاهيم ولا إشارات من النوع المريح مثل العدالة الاجتماعية أو الحريات العامة/ البرنامج الذى أعده رجال أعمال يرى ذلك «رطانة فارغة» و«تفلسف» و«تنظير»، رغم أنها مجرد ميل شعاراتى ستأكله الممارسات كما هى العادة.
كما أن الشفاشقة «من مؤيدى أحمد شفيق» يريدون نصيبا فهم الجنود الميدانيون بقدرتهم على لملمة شتات الحزب الوطنى، خصوصا قواعده ومحترفى البروباجندا «بينها شركة دعاية استخدمها أحمد عز فى مخطط السنة الأخيرة لقفزة الحرس الجديد..» التى لا ترى مبررا لصعود عمرو موسى الذى كان رقم 5 فى الانتخابات الماضية، بل واحتلال هذه المجموعة لمواقع المتحدث الرسمى.
الفراغ يتسع إذن فهل نعود إلى أيام الفرجة والتنصت على صراع الأجنحة فى معبد الدولة؟ وساعتها ستبيع المتاجر صور كمال الشاذلى وصفوت الشريف وجمال مبارك وأحمد عز هروبا من جحيم لحظة لا لون لها… أو تجتمع فيها كل الألوان والخبراء يعرفون ما نراه حين تجتمع الألوان كلها فى طيف واحد.