ترى إلى أى جهة كان سيادة المرشح المحترم لرئاسة الجمهورية يوجه رسالته، عندما قال فى وضوح، فى رسالة نشرتها، وعرضتها بالصوت والصورة جريدة محترمة: إنه، إذا ما فاز فى سباق الرئاسة، سيحاكم منافسه فى الترّشح لرئاسة الجمهورية، السيّد عبد الفتاح السيسى؟! ومن كان يسعى لنيل تأييدهم وأصواتهم بتصريحه العجيب هذا؟! هل يحتاج الأمر إلى كثير من الذكاء، لإيجاد الأجوبة؟! فى البحث الجنائى، يبحثون دومًا عن الدافع والمستفيد.. وفى حالتنا هذه، التى تدخل فى نطاق البحث الوطنى الأخلاقى، لا الجنائى، المستفيد واضح، لأنه بتصريحه هذا يسعى لحصد عدد أكبر من الأصوات، أيًّا كانت اهتماماتها أو انتماءاتها... ومن بين تلك الأصوات من يبغضون السيد عبد الفتاح السيسى بشدة، لأنه منعهم من السيطرة على مفاصل الدولة، وتحويلها إلى تكية، يديرونها وفقًا لأوامر مرشد، ليست له صفة رسمية، ولكنه يمسك بخيوط عروسة ماريونيت، يحرّكها كما يشاء، على مسرح عرائس وهمى.. من بين تلك الأصوات أيضًا شباب لا يتعلمون من الأخطاء، ويقعون فى الفخ الواحد مرتين، فمرة ينتخبون عروسة الماريونيت، من باب الغضب من منافسه، لا بأدنى اقتناع به، وعندما تحدث مصيبة من جراء اختيارهم، يبدون الندم قليلاً، ثم يستعدون لتكرار الخطأ نفسه، ومن المنطلق نفسه.. الانفعال والاندفاع فوق العقل.. الأسوأ مما قاله سيادة المرشّح المحترم، إنكار حملته أنه قاله، ثم ظهور الفيديو بالصوت والصورة، وسيادته يقوله!! ألا يدعو هذا إلى الخجل؟! ولكن فى حرب الانتخابات لا خجل ولا حياء.. المهم الأصوات والمكسب، اتباعا لسياسة نيقولا ميكيافيللى الشهيرة «الغاية تبرّر الوسيلة».. المنافسة السياسية فى الانتخابات مشروعة، وأسس متينة للديمقراطية، ولكن اللعب بأسلوب الضرب من تحت الحزام مرفوض، حتى فى مباريات الملاكمة والمصارعة.. وعقد الصفقات الانتخابية أيضا مشروع، ولكن ليس مع من خانوا الوطن، وحرقوا علمه، وناصبوا شعبه وجيشه وشرطته العداء.. أن يقول أحد المرشحين إنه أفضل من منافسه، وإن برنامجه هو الأرقى والمرشّح للنهوض بمصر أمر طبيعى، ومشروع مئة فى المئة... ولكن أن يعد مرشّح ما بمحاكمة منافسه، إذا ما فاز عليه فى الانتخابات، فهو أمر لم نسمع عنه من قبل، حتى فى روما القديمة.. ما معنى ديمقراطية المنافسة فى حال كهذه؟! أعلم جيّدا أنه هناك أمور عجيبة غريبة، تحدث فى هذا العصر، خصوصا بعد أن صارت البذاءة من بعض الشباب، هى مفهومهم الوحيد عن الحرية، ولكن ونحن نخطو خطوات ديمقراطية، كان ينبغى أن نعيد تصحيح المسار، لا أن نستغل اعوجاجه فى الفوز بأرباح غنى الحرب، الذى يثرى من فقر الآخرين!! أيها السادة، هناك ما هو أهم من مرشحى الرئاسة وسباق المنافسة والصفقات العجيبة.. هناك وطن اسمه مصر.. وطن من يحبه ينبغى أن يسعى للم شمله، لا لإطلاق تصريحات تضرهما معا.. الوطن والمرشّح.. مصر أيها السادة هى الأصل، والكيان.. والمستقبل.. والتاريخ هو القاضى الذى يحكم بالحقيقة دوما فى النهاية.. أيها السادة احذروا من التاريخ... ومن المحاكمة!
نبيل فاروق يكتب: المحاكمة..
مقالات -
د. نبيل فاروق