أيام قليلة وتنطلق حملة الدعاية الانتخابية للرئاسة، وفق إجراءات تنظيمية للجنة العليا للانتخابات الرئاسية.
وكما نعلم جميعا أن هذه الانتخابات ينظر إليها العالم كله، بعد ماراثون طويل من الشد والجذب حول مشروعية ثورة ٣٠ يونيو، التى تخلص فيها الشعب المصرى من حكم الإخوان، وادعاءات من الجماعة بأن ما جرى فى ٣٠ يونيو هو انقلاب على سلطة جاءت بالصناديق (!!).. وهو ما روّج له البعض وحاول تصديره إلى الخارج.. وقد تأثر به بالفعل عدد من الدول التى كانت لديها رغبة فى حكم الإسلام السياسى الفاشى، وسيطرته على مقدرات الأمور فى مصر.
فالانتخابات الرئاسية هى استحقاق مهم من استحقاقات ثورة ٣٠ يونيو التى سبقتها كتابة دستور جديد للبلاد، يعبر عن كثير من تطلعات الشعب فى ديمقراطية حقيقية وبناء دولة تقوم على المواطنة وليست دولة الأهل والعشيرة.. ويؤسس لحريات وعدالة اجتماعية.. وإقامة مؤسسات دولة جديدة بعد أن حاول الإخوان هدم الدولة وتحويلها إلى كيان صغير تابع للجماعة!
ومن ثم تأتى أهمية الانتخابات الرئاسية فى تلك المرحلة، وبعد فترة طالت فى المرحلة الانتقالية التى شهدت -وما زالت- محاولات من جماعة الإخوان ومن يرتبط بهم من تعطيل بناء الدولة، وإفشال الثورة التى خرجت عليهم من الشعب الذى لم يحتمل حكمهم الفاشى.. واستطاع أن يجعل مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة، تنضم إليه فى ثورته ضدهم والتخلص منهم.
بعد أن تمكنوا من سرقة ثورة ٢٥ يناير والانحراف بمطالبها فى الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية إلى خدمة الإخوان وادعائهم بأنهم أصحاب الثورة.. وأصبحوا فجأة ثوارا، وهم لم تكن لديهم أبدا ثقافة الثورة.. وكانوا يسعون دائما إلى التحالف مع الاستبداد والفساد من أجل الحفاظ على «يافطة» الجماعة.. إلى أن استطاعوا كذبا ودجلا الوصول إلى الحكم ليجعلوا مصر تابعة للجماعة.. وهو ما رفضه الشعب.
فنحن الآن أمام استحقاق رئاسى وانتخاب رئيس جديد للبلاد، ليشارك الشعب فى بناء الدولة بعد أن جرى هدر إمكاناتها على يد استبداد وفساد نظام مبارك وأكملت عليها فاشية الإخوان.
من هنا، العالم كله ينظر إلى مصر وانتخاباتها الرئاسية، فى ظل مراقبة حضورية من عدد من الدول، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبى ومنظمات دولية.. وكذلك مراقبة من بعيد لعدد آخر من الدول، بما فيها التى لم تكن تريد الخير للبلاد.
وكلنا يعلم أن من ينافس على الرئاسة شخصيتان وطنيتان، عملا ويعملان من أجل دولة ديمقراطية مدنية حديثة.. وانحازا إلى الشعب أو قُل خرجا من بطن هذا الشعب فى نضاله من أجل الدولة الحديثة.
فالمشير عبد الفتاح السيسى، الذى ظهر كبطل شعبى فى ٣٠ يونيو بانحياز الجيش إلى الشعب فى التخلص من جماعة الإخوان.. ولم يكن يرغب فى أن يكون رئيسا للبلاد، بل إنه تم دفعه إلى ذلك بدفع شعبى ليتحمل ويشارك الشعب فى بناء الدولة الجديدة، فى إطار دوره الوطنى واستجابته لمطالب الشعب.
وكذلك حمدين صباحى، المرشح الرئاسى المناضل، الذى حقق نجاحا قويا فى انتخابات الرئاسة السابقة معبرا عن ثورة ٢٥ يناير، ولكنه لم يستطع أن يصل إلى الحكم بفضل جماعات الإسلام السياسى، التى أرادت أن تسيطر على البلاد.. وبقايا نظام مبارك الفاسد..
فكلا المرشحين يسعى إلى تحقيق مطالب الشعب فى بناء دولته المدنية الحديثة، وهما ينتميان إلى ثورة المصريين ضد الاستبداد والفاشية والفساد.
ومن هنا تأتى أهمية احترام المرشحين وأنصارهما بعضهما بعضا فى تلك الانتخابات، ومع بدء الحملات الدعائية يجب أن تلتزم الحملتان بميثاق شرف أخلاقى، يراعى دور المرشحين فى الثورة.. وسعيهما إلى إقامة دولة مؤسسات مدنية حديثة يشارك الشعب فى حكمها.
وقد أثرت هذا الأمر من قبل.. قبل بدء العملية الانتخابية.. وهناك استجابة واسعة من إدارة الحملتين الرئاسيتين لذلك.
ولعل هناك لدى كل حملة الآن مشروع بميثاق شرف يتعهد فيه كل منهما بالالتزام به خلال مرحلة الدعاية الانتخابية.
وهو أمر حسن، حتى تخرج تلك الانتخابات بشكل يليق بالشعب المصرى، وبثورتيه.. وسعيه من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة والدولة الحديثة..
ونعيد مرة أخرى انبهار العالم بالشعب المصرى.