صد الهجمات الإرهابية، وتحقيق الأمن الشامل، لا ينفع معه التهاون، ولا يشفع له «الغزل برجل الحمار»، لكنها واحدة من أخطر المعارك، الهزيمة فيها- لا قدر الله- تعيدنا إلى الوراء ألف سنة، هذه المعركة المصيرية ليست مسؤولية جهاز الأمن وحده، لكنها تخصنا جميعا، خوضها أصبح ضرورة حتمية، ليس فيها رفاهية الاختيار.
واستهداف رجال الأمن استهداف لنا جميعا، لأن الذى يقتل حارسك يريد أن «يستفرد بك» ويفعل بك بعد ذلك ما يشاء، ينهبك أو يقتلك، أو حتى «ياخد حضرتك خلف مصنع الكراسى».
والحقيقة أن جهاز الأمن يعمل فى ظروف شديدة الصعوبة، يواجه جماعات إرهابية، نمت وتفرعت وتسلحت وسط فترة من التعتيم والتضليل، هذه الجماعات حصلت على أسلحة شديدة التطور وتدربت عليها، وتساندها وتعاونها أجهزة استخبارات دولية، وتمولها كيانات اقتصادية.
والحقيقة أن جهاز الأمن يعمل حسب منظومة قديمة جداـ عفا عليها الزمن- مكانها فى المتاحف، منظومة يستطيع هاو فى «نادى الإرهاب الدولى» اختراقها وضربها بنجاح، فتعالوا نراجع جانبا واحدا يتمثل فى كيفية تنظيم وعمل الأكمنة الأمنية ونقاط الحراسة، بدون تفاصيل يستطيع «عيل» بـ«نبلة» اصطياد من فيها.
أما مراجعة التسليح ووسائل تأمين أفراد الأمن، وثقافة التأمين الشخصى، فهى لدى الكثير «صفر على الشمال»، فلو أن لدى المجندين أدنى درجات الوعى الأمنى ما تركا السيارة عهدتهما وذهبا لتناول الإفطار على عربة الفول، لتكون النتيجة نجاح الإرهاب فى زرع القنبلة التى اغتالت العميد أحمد زكى، ولو أن تأمين وتمركز «كمين بدر» كان صحيحا ما نجح 4 أشخاص فى اغتيال ضابط ومجند وإصابة آخر، وهروبهم دون أن يُقتل أو يُصاب واحد منهم.
ولو أن كثيرا من الذين تم اغتيالهم على يد جماعات الإرهاب، لديهم القدر الكافى من وسائل التأمين، ما سالت كل هذه الدماء، ولا سقط هذا العدد من الشهداء، لأن الذين دفعوا حياتهم فداء لنا يواجهون الموت بصدور عارية، يتسلحون بإيمانهم برسالتهم، ويحتمون فى رعاية الله، يدركون حجم الخطر الذى يحيط بهم من كل جانب، لكنهم مصممون على المواصلة، رغم جبل العتاب الذى فى صدورهم.
والأمن سلعة غالية، لا يعرف الشبع من يطلبها، وجهاز الأمن لن يتسول مساعدة أصحاب الأموال لتوفير الإمكانيات له كى يحمى حياتك ويصون مشروعاتك، لكن الواجب الوطنى يحتم علينا أن نستفيد من تجربة المهندس «نجيب ساويرس» مع إنشاء جهاز الإعلام الأمنى لمواجهة أكاذيب قيادات الإرهاب المحتمية فى حريات الغرب.
والوزير محمد ابراهيم لابد أن يخوض معركة- لا تقل ضراوة عن معركته مع الإرهاب- كى تدبر الدولة ما يحمى رجاله، فلا يكفى أن يخرج علينا ليحصى لنا عدد شهداء الشرطة فى حربه لتحقيق الأمن، الإنسان يستطيع أن يتعايش مع الجوع، لكنه لا يحتمل الخوف أبدا، «وحدانا فى الصعيد، الرجل يبيع جاموسته ويشترى سلاحا يشعره بالأمان فى مواجهة خصومه».