264 شهيدًا.. هذا الرقم مسجل فى تقرير رسمى موثق يرصد عدد المواطنين المصريين من رجال الشرطة (فقط) الذين دفعوا ضريبة الدم والروح فى الحرب الإجرامية القذرة المفروضة علينا منذ نجحت ثورة 30 يونيو الماضى فى نزع شوكة عصابة إخوان الشياطين المسمومة من بدن دولتنا ومجتمعنا، ومن بعدها أطلقت هذه العصابة وأتباعها المشوهون والمنحرفون عقليًّا وأخلاقيًّا وروحيًّا (دعك من المروق والخيانة الوطنية) عاصفة عربدة دموية وتخريبية مجنونة بقدر ما هى خسيسة ومنحطة وغير مسبوقة فى كل تاريخنا المعاصر والحديث (كانت لها إرهاصات وبشائر محفوظة فى سجل أفعال وسلوكيات العصابة المذكورة) ولا هدف لها إلا أوهام القدرة على عقاب الشعب المصرى وتركيعه وتسويد عيشته وتدمير مقدراته وسحق مؤسساته الوطنية.
ولكن بعيدًا عن هذه الأوهام والضلالات المرضية المعششة فى رؤوس ذلك النوع الخطير من الكائنات الغارقة فى الشذوذ، فإن العبد لله لا يكتب هذه السطور لكى يهجوهم ويشهر بجرائمهم وشرورهم ويمسح بهم وسخ الأرض (لو كانوا يصلحون لـ«المسح» أصلًا) وإنما أكتب لأفضح شرور وجرائم أخرى يرتكبها الآن قطيع بائس وبليد الحس ومضعضع الأخلاق ومعدوم الضمير يجاهد ويعافر حتى يسوغ أفعال وارتكابات شنيعة يندى لها جبين أى إنسان.. ولست أقصد تلك الحفنة البائسة من «الكتبة» الذين أشهرهم ذلك الرجل الذى يبصق كل صباح، بغير احتشام ولا بقية من ذوق، فى وجه الوطن وناسه من على صفحات إحدى الصحف، فهذا رجل مسكين تثير حالته (عندى على الأقل) الشفقة أكثر مما تثير الغيظ والقرف.
أما من تقصدهم سطور اليوم، فهم بعض الذين يتأنقون ويتجملون ويسترزقون أيضا من الهلفطة والتجارة الحرام فى شعارات «حقوق الإنسان»، ومع ذلك تجدهم يلوذون بالانكتام والخرس التام فلا تسمع لهم صوتا ولا تلمح مجرد إشارة منهم تشى بإدانة أو استنكار لفظائع يهدر فيها أهم وأكبر وأخطر الحقوق الإنسانية طرًّا، ألا وهو «الحق فى الحياة» عندما يتم تمزيق أجساد وإزهاق أرواح بشر أبرياء (أغلبهم أو كلهم قتلوا وهم عُزّل من أى سلاح) على يد عصابات إرهابية تتوسل بالجبن والغدر وتذهب دائمًا وحصريًّا إلى الأهداف السهلة البعيدة عن أى خطر وتصطاد ضحاياها من رجال الشرطة وهم عُزل يسعون فى الطرقات مع خلق الله أو يمارسون واجبهم الوظيفى فى خدمة مواطنيهم ببراءة وبغير تأمين، ومن دون أن يتوقعوا غدرًا أو خيانة.
لقد كان هذا القطيع الناشط فى سوق التجارة بحقوق الإنسان يكفيه جدًّا عار وشنار الخرس مدفوع الأجر تجاه جرائم الإرهابيين المتوحشين، غير أن عددًا ليس قليلًا من هؤلاء التجار ذهبوا بعيدًا فى فضاء الفحش ووجدناهم أخيرًا، بعدما صمتوا دهرًا طويلًا، ينطقون كفرًا صريحًا إذ راحوا يتبجون ويبررون السكوت عن إدانة «مهرجان القتل والتخريب العمومى»، بأنهم فقط معنيون بالدفاع عن الحق فى الحياة للإنسان المصرى الذى «لا يعمل فى الجيش أو الشرطة»!!!
هل تسأل يا عزيزى، إن كان المصرى يفقد هويته كإنسان ولا يعود مصريًّا كذلك، عندما يلتحق بجيش وطنه أو يصير شرطيًّا يحفظ أمن شعبه؟!
أرجوك اعلم أن هؤلاء التجار المتبجحين غرباء عن الإنسانية ومتطفلون على الوطنية، فلا تسألهم.. اُبْصق عليهم فحسب.