بدون شك الشعب هو الذى أعاد الثقة لرجال الشرطة بعد أن وصل الأمر إلى فقد الثقة لدى كثير منهم، وانهيار جهاز الشرطة عقب أحداث ثورة 25 يناير.
فقد كانوا أداة نظام مبارك الاستبدادى بإشراف وزيرهم وقتها حبيب العادلى للقمع والترويع والتعذيب فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز والاعتقال والسجون. فكانت ثورة 25 يناير ضد هذا القمع الذى مارسته «الداخلية» ضد المواطنين.. وضد التعذيب وضد سياسات «الداخلية» التى وقفت ضد الشعب أيام حبيب العادلى، والذى استطاع أن يغير شعار الشرطة نفسه من «الشرطة فى خدمة الشعب» إلى «الشرطة والشعب فى خدمة الوطن».. وبالطبع كان يقصد خدمة النظام، خصوصًا أنه- العادلى- كان يعمل فى خدمة توريث الحكم. فالشعب وقف مع الشرطة حتى تستعيد قوتها. واستمرت المساندة فى فترة حكم الإخوان الذين أرادوا للشرطة أن تكون بديلًا عن ميليشيات الإخوان.. والتصدى للشعب والمتظاهرين السلميين الذين خرجوا ضد سياسات الإخوان الفاشية.. وذلك ضد قيادات «الداخلية» التى كانت تستجيب لمطالب مكتب الإرشاد بعد أن استطاعت قيادات الإخوان السيطرة على عدد من القيادات. لكن الشعب تحمل كثيرًا تكاسُل رجال الشرطة فى استعادة الأمن.. واستمرار الانفلات الأمنى.. ومنح الثقة لجهاز الشرطة لاستعادته، وكان نموذجًا فى تلك المساندة حالة الامتزاج التى جرت فى ثورة 30 يونيو ضد حكم الإخوان الفاشى.. وانتصار الشعب بانحياز الجيش والشرطة إلى مطالبه.. ليسقط حكم الإخوان. لكن ماذا فعلت الشرطة للشعب؟ وهل عادت للانتقام خصوصًا من ثورة 25 يناير؟ ويبدو أنه ما زال لدى قيادات من الشرطة الكثير من «الإحَن» من ثورة 25 يناير وثوارها. ويبدو أن الشرطة لم يجرِ فيها أى تغيير ولم تتعلم من دروس 25 يناير أو حتى 30 يونيو. فما زالت هناك السياسات التى كانت متَّبعة فى فترة تولِّى العادلى! ولعل ما أثير عن عودة التعذيب فى أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز ينبئ بأنه لم يحدث بالفعل أى تغيير فى جهاز الشرطة أو لدى ضباطها. والحديث كثير عن تعذيب نشطاء، خصوصًا من الذين تم القبض عليهم بمظاهرات الذكرى الثالثة للثورة فى 25 يناير.. وهناك شهادات متداولة فى هذا الشأن من المحتجزين ومحاميهم. وهناك تخوف لدى المجتمع من عودة الشرطة إلى سابق عهدها. ولعل نظرة واحدة إلى ما يحدث فى معظم أقسام الشرطة تؤكد ذلك. فهناك تكدس لمحتجزين. وتعامل غير إنسانى مع المحتجزين من قبل الضابط وأفراد الشرطة. ناهيك برحلة العذاب التى يقوم بها الأهالى للاطمئنان على ذويهم. وكأن شيئًا لم يحدث منذ ثورة 25 يناير التى خرج فيها الشعب من أجل الكرامة. ومنذ أن خرج الحديث عن التعذيب مرة أخرى ولم يمر يوم إلا و«الداخلية» تصدر بيانًا ينفى حدوث أى تعذيب وتصريحات مرة على لسان وزير الداخلية نفسه أو المتحدث باسمها. لكن لا أحد يصدق. فالثقة أصبحت مهزوزة بـ«الداخلية»، خصوصًا فى أمر التعذيب. وذلك لخلفيات كثيرة تنطبق على «الداخلية» وضباطها فى ممارسة الكذب واللف والدوران. ولعل شهادات الأهالى التى تزوَّر وذويهم المحتجزين احتياطيًّا فى أقسام الشرطة تؤكد أن التعذيب مستمر. فما زال هناك ضباط وقيادات فى «الداخلية» يريدون الانتقام من الشعب الذى خرج ضدهم فى 25 يناير. من أجل هذا لا يصدق الناس «الداخلية» وبياناتها وتصريحات وزيرها فى نفى التعذيب الحادث فى أقسام الشرطة والسجون. ولعل فى الذاكرة تصريحات وزير الداخلية سيادة اللواء محمد إبراهيم نفسه عن محمد مرسى والإخوان الهاربين من سجن وادى النطرون- ترديده ما كان يقوله الإخوان-: «إن مصلحة السجون لم يكن فى سجلاتها دخول محمد مرسى وقيادات الإخوان سجن وادى النطرون».. على عكس التحقيقات التى كانت تجرى وقتها فى مسألة هروبهم من السجن بمساعدة ميليشيات وقوات تنتمى إلى حماس!! فهل يصدق الناس «الداخلية» بعد ذلك؟! ينشر للمرة الثانية