تفاءلت خيرًا بخطوة وزارتي التعليم والشباب الخاصة بمحو أمية مليون مواطن سواء من الأميين أو المتسربين من التعليم، وشعرت بخطوة إيجابية تقدمها الوزارتان في ظل السلبيات والتخبط والحياة الضبابية، التي كانت سياسية في وقت ما.. وانهيار الأخلاق التي أصبحت سمة العصر التي لا ندري هل هي بسبب غياب التعليم أم بسبب نرجسية «جيل الثورة».. وبما أني لست محللة اجتماعية أو نفسية.. وجدت في خطوة «التعليم والشباب» فرصة لأطرح مبادرتي الشخصية، ومعي عدد من الأصدقاء، مع تعليم 3 أطفال حصل اثنان منهم على محو الأمية والثالث في الصف السادس الابتدائي الآن، وما صادفناه من عقبات تخللها بعض الأمل.. فقد بدأت المبادرة بحلم شخصي، واتفقت مع أصدقائي في «المصري اليوم»، شيماء القرنشاوي وداليا عثمان وهشام شوقي وانضم إلينا مؤخرا ياسمين كرم وهشام عمر مع بعض الدعم الخارجي أحيانا لتعليم «ولاد عم سيد».. وهم ولدا ذلك الرجل الطيب «عم سيد» رحمة الله عليه، الذي كان يعمل بالجريدة.. بعدما لمست رغبة الابن الأصغر «محمد» في التعليم الذي لم يحظ به أبدا رغم بلوغه سن التاسعة.. في الوقت الذي كان مقيدا في إحدى المدارس بالمنيا، وحال عمل والده بالقاهرة دون تحقيق رغبته، والسبب معروف بالتأكيد.. فمحمد كان من «المتسربين» ومعه أخوه الأكبر عصام الذي كان كل أمله أن «يقرأ» رغم أنه خرج من المدرسة، وكان بالصف الرابع الابتدائي.. وانضم معهما «محمود» عامل النظافة، وبعد خطوات كثيرة واصطدام بالبيروقراطية استطعنا أن نلحق الثلاثة بالجمعية الشرعية بزينهم، وعدنا لنصطدم بعراقيل أخرى أهمها عدم وجود مدرسين بالجمعية.. ولم يستطع محمد الصغير تحصيل ما يجب تحصيله من مواد بل رفضوا إعطاءه الكتب.. في الوقت الذي حصل فيه «عصام» و«محمود» على شهادة محو الأمية، رغم السلبيات أيضا.. ووجدتني مصممة على إلحاق محمد بـ«مدرسة» ليكون مثل أقرانه، خاصة بعدما تحدث معي، ببراءة شديدة، أنه يتمنى أن يقف في طابور الصباح، ويسير إلى فصله - لاحظوا الأمنية - وبدأت العناء أنا وزميلي هشام شوقي في البحث عن «مدرسة» لإلحاق محمد بها، الذي اصطحبته معي، ليقيمه المدرسون بأنفسهم، واصطدمنا بما هو أخطر هذه المرة فجميع المدارس رفضت قبوله، ﻷنه لن يستطيع التحصيل مثل أقرانه، وهذا سيكون سببًا في تحوله إلى بلطجي أو طفل شوارع- أقسم بالله هذا ما قاله أحد المدرسين - لدرجة جعلتنا ننفعل عليه، وذهبنا لمدارس أخرى رفضت أيضا، وإن كان رفضها جاء أكثر احترامًا.. وعندما قلت لهم إنني سأذهب للوزير، قالوا اذهبي «ولو قال ماشي إحنا موافقين».. شايفين مش مهم رغبة محمد المهم موافقة الوزير .. وخرجت من آخر مدرسة وأنا أبكي ومعي محمد، ﻷقسم له بأنني سأحقق رغبته، وقد كان، بعد موافقة الوزير الحالي الدكتور محمود أبوالنصر، ودعم سيدة فاضلة بإدارة السيدة زينب تسمى «أستاذة زهرة».. وقد نجح محمد في التيرم الأول بتقدير عام جيد، وهو الذي لم يدخل مدرسة قط، وينتظر امتحان التيرم الثاني ليبدأ مرحلة جديدة .. محمد مثله الكثيرون نصادفهم أمامنا كل يوم «يمدون أيديهم»، ولكل منهم غرض مختلف.. فمن يمدها لـ«الشحاتة»، ومن يمدها للبيع، وآخرون لمسح السيارات ورابعهم للسرقة، وخامسهم لهدم الدولة، ونحن جميعا نعلم ذلك.. إن هؤﻻء مثل «أبناء عم سيد» يملأ بعضهم الأمل، لكن لا يجدونه عالقا أمامهم، ولكن بالتأكيد جميعهم يحتاجون الدعم.. ولا إيه يا حكومة؟!
وﻻد عم سيد يا حكومة
مقالات -