لنخرج من حالة العك الدائر حاليا، والزيادات فى أسعار الغاز والكهرباء رغم انقطاعها.
وحالة الفوضى التى لم تستطع الحكومة حتى الآن السيطرة عليها.
ومصادرة رئيس الحكومة للأفلام.
والقبض على سما المصرى.
ولنقرأ معا رسالة الأديب الكبير جابرييل جارسيا ماركيز الذى رحل عن عالمنا فى الأسبوع الماضى.
وهى بمثابة رسالة الوداع إلى كل محبيه فى العالم، تحت عنوان «لا تنتظر أكثر».
«لو شاء الله أن ينسى أننى دمية، وأن يهبنى شيئا من حياة أخرى، فإننى سوف استثمرها بكل قواى.
ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكننى حتما سأفكر فى كل ما سأقوله.. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلا، وأحلم كثيرا، مدركا أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعنى خسارة ستين ثانية من النور.
سوف أسير فى ما يتوقف الآخرون، وسأصحو فى ما الكل نيام.
لو شاء ربى أن يهبنى حياة أخرى فسأرتدى ملابس بسيطة وأستلقى على الأرض، ليس فقط عارى الجسد وإنما عارى الروح أيضا. سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقا متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق. للطفل سوف أعطى الأجنحة، لكننى سأدعه يتعلم التحليق وحده. وللكهول سأعلمهم أن الموت لا يأتى مع الشيخوخة بل بفعل النسيان.
لقد تعلمت منكم كثيرًا أيها البشر..
تعلمت أن الجميع يريد العيش فى قمة الجبل، غير مدركين أن سر السعادة يكمن فى تسلقه.
تعلمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرة الأولى فذلك يعنى أنه أمسك بها إلى الأبد.
تعلمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف.
تعلمت منكم أشياء كثيرة!
لكن قلة منها ستفيدنى، لأنها عندما ستوضب فى حقيبتى أكون أودع الحياة.
قل دائما ما تشعر به.
وافعل ما تفكر فيه.
لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التى أراك فيها نائمة لكنت ضممتك بشدة بين ذراعى ولتضرعت إلى الله أن يجعلنى حارسا لروحك، لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التى أراك فيها، لقلت (أحبك) ولتجاهلت، بخجل، أنك تعرفين ذلك، هناك دوما يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أننى مخطئ وهذا هو يومى الأخير.
أحب أن أقول كم أحبك، وأننى لن أنساك أبدا..
لأن الغد ليس مضمونا لا للشاب ولا للمسن.
ربما تكون فى هذا اليوم المرة الأخيرة التى ترى فيها أولئك الذين تحبهم.
فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتى.
ولا بد أن تندم على اليوم الذى لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولا كى ترسل إليهم أمنية أخيرة.
حافظ بقربك على من تحب.
اهمس فى أذنهم أنك بحاجة إليهم.
أحببهم واعتنى بهم، وخذ ما يكفى من الوقت لتقول لهم عبارات مثل أفهمك، سامحنى.
من فضلك، شكرا.
وكل كلمات الحب التى تعرفها.
لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الرب القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك».
جابرييل جارسيا ماركيز