يبدو أن السيد رئيس الحكومة إبراهيم محلب أراد أن يشغل الناس فى قضية مصادرته لفيلم حلاوة الروح.. والتى فعلًا شغلت أوقات الناس كثيرًا.. ودخلت الفضائيات على الخط لتكون تلك القضية هى الرئيسية مساء كل يوم فى حديث الناس.
ولم يكتفِ محلب بقراره، وإنما دعا عددًا من الفنانين «التابعين» الذين يلبون نداء أى سلطة ويخرجون ليقولوا إن تلك السلطة ترعى الفن.. هكذا فعلوا مع مرسى عندما هرولوا إلى قصر الرئاسة، كما كانوا يذهبون إلى مبارك- وبينهم من هو مضحك الملك- ويخرجون علينا بعد ذلك ليتكلموا عن القيم وحكمة قرار السلطة فى التعامل مع الفن.. مثل حكمة قرار رئيس الحكومة فى مصادرة الأفلام لحفاظه على قيم المجتمع وحمايته.. وذلك رغم مخالفته للقانون والدستور.. وعدم أحقية رئيس الوزراء فى اتخاذ القرار.
ومع هذا فهناك من الفنانين الذين كانوا فى حضرة رئيس الحكومة ولم يشاهدوا الفيلم المصادَر «لا هم ولا رئيس الحكومة» من يقول إن ذلك من حق رئيس الوزراء، لأنه ولىُّ الأمر!! «عدنا مرة أخرى لحكاية ولى الأمر ورب العائلة».
والغريب أن عددًا من الفنانين الذين خرجوا من اجتماع محلب يدّعون الفضيلة ومكارم الأخلاق شاركوا فى تاريخهم الفنى والسينمائى فى أفلام أكثر رداءة من الفيلم المصادَر.. ولم يصادرهم أحد، بل جرى الدفاع عنهم عندما تعرضوا للهجوم.
لقد استدرك محلب الناس إلى تلك القضية التى انتهك فيها الدستور وتعدى على القانون ليشغلهم عن قراراته التى بدأ فى إصدارها لزيادة أسعار السلع والخدمات.
وقد كانت البداية بزيادة أسعار الغاز للمنازل.. وفى نفس الوقت الذى لم يستطع فيه أن يصلح منظومة أسعار الغاز إلى المصانع كثيفة الطاقة.. والتى ما زالت تستهلك الغاز بأسعار أقل، وهى التى فى نفس الوقت أيضا تبيع منتجاتها بأسعار خرافية «ولكم العبرة فى صناعة الأسمنت».
لو لم يستطع أن يعدل من أسعار الغاز المصدر والذى ما زالت تحصل عليه بعض الدول بأسعار أقل من سعره العالمى.
ولم يصدر محلب أو حكومته بيانًا واضحًا للناس عن زيادة أسعار الغاز.. وإنما جاء القرار منشورًا فى جريدة رسمية وكأنه أصدره إليه فى الظلام.
بالطبع ثمة زيادات جديدة فى البنزين والسولار والكهرباء.. وذلك رغم النفى الذى تعلنه الحكومة دائما أمام الناس فى الداخل.. أما فى الخارج وأمام المجتمع الدولى فالتعهدات سارية بزيادة أسعار الطاقة والكهرباء، خصوصا استخدامات البيوت والمواطن البسيط.
لكن فى مقابل ماذا زيادة تلك الأسعار؟
هل وجد المواطن تحسنًا فى الخدمات التى تقدمها الدولة؟
وهل وجد تعليمًا كفؤًا فى مدارس الحكومة؟
وهل وجد علاجًا صحيًّا حقيقيًّا فى مستشفيات الدولة؟
وهل وجد أى «شعرة» من العدالة الاجتماعية التى خرج الشعب المصرى من أجلها فى ثورة ضد نظم فاسدة ومستبدة؟
هل استطاعت الحكومة أن تعيد أيًّا من الأموال المنهوبة والأراضى المسلوبة.. والتى ما زال يستمتع بها رجال أعمال النظام السابق.. والذين يحاولون الآن فرض سطوتهم ليكون لهم دور مهم فى المرحلة المقبلة؟
وهل وفرت الحكومة للمواطن الأمان فى الشارع؟
لم يحدث أى شىء من ذلك، ولم يجد المواطن أى شىء من ذلك.. ولا حتى رائحته.
فالحكومة التى تزيد الأسعار الآن تسير على نفس درب الحكومات السابقة.. وليس لديها أى جديد، اللهم إلا استنزاف الناس وزيادة الأسعار وضرائب جديدة على المضمونين من الدافعين من موظفى الدولة والغلابة.. أما الكبار فيستطيعون التغلب على الحكومة ويتصدون لها.
إنها حكومة تبحث عن الحل السهل لها والصعب على الناس.. وليأتى من بعدها ليخبط رأسه فى الحائط.