أشكر الدكتور عبدالمنعم عمارة لثلاثة أسباب محددة.. الأول هو احترامه لما أكتبه واعتزازه به، وأنا بالتأكيد أكثر اعتزازا بشخصه وأفكاره ورؤاه.. والثانى هو أنه فى مقاله الأخير والجميل أعاد من جديد فتح ملف دورة حوض النيل وأهميتها وضرورتها.. أما السبب الثالث، وربما الأهم، فهو شكر خاص وصادق جدا للدكتور عمارة، لأنه يمنحنى الآن فرصة التطبيق العملى والعلنى للاختلاف التام فى الرأى والموقف دون سماح بأى تجاوز أو إفساد لأى ود وانتقاص لأى تقدير واحترام.. فالدكتور عمارة يخالفنى الرأى تماما فيما يخص دورة حوض النيل.. أنا أرفضها ولست مقتنعا بجدواها وهو يريدها ويؤيد إقامتها.. ويستند الدكتور عمارة فى رأيه إلى احتياجنا لأفريقيا، التى هى مفتاحنا السياسى قبل الرياضى للعالم، ويطالب باتفاقيات جديدة للتبادل الشبابى مع أفريقيا، خاصة دول حوض النيل، يجريها خالد عبدالعزيز، وزير الشباب.. وقد أفاجئ الدكتور عمارة حين أقول له إننى لا أعارضه فى أهمية أفريقيا لنا وضرورتها والحرص على إعادة التناغم معها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا ورياضيا أيضا.. الخلاف فقط هو مجرد تساؤل بسيط:
هل ستنجح تلك الدورة التى يريدها فى تحقيق أى من هذه الأهداف.. أم أننا فى حالة الإصرار على إقامة هذه الدورة سنصبح كمن يعرف العنوان الذى يريده بكل دقة لكنه للأسف يختار كل مرة الطريق الخطأ، وبالتالى لا يصل أبدا ويبقى تائها وحائرا فى كل الطرقات.. فالذى يريده الدكتور عمارة.. وأظن كل المصريين أيضا.. لن يحققه اللعب والتنافس مع منتخبات وفرق أفريقية.. فلن يفتح انتصارنا عليهم أو خسارتنا أمامهم أى باب مغلق ولن يهدم أى سور.. وباستطاعتنا استخدام الرياضة أفريقياً بشكل أفضل وبعيد تماما عن أى دورات وبطولات وإهدار مالنا القليل على تنظيمها..
وقد سبق أن حكى لى إبراهيم محلب، رئيس الحكومة، بنفسه تجربة رائعة قام بها حين كان رئيسا لشركة المقاولون العرب.. وكيف أهدى غينيا الاستوائية ملعبا لكرة القدم على نفقة المقاولون، أصر رئيس البلاد على افتتاحه بنفسه، وكان شديد الامتنان لمصر كلها بسبب هذا الملعب، ووافق على طلب إبراهيم محلب بأن تبقى لوحة جميلة داخل المقصورة تشير إلى أن هذا الملعب هدية من مصر لكل الناس هناك.. وقدم لى رئيس الحكومة الحالى شهادات وتقارير وصورا عن مصر وصورتها التى ازدادت جمالا وإشراقا فى الذهن الجماعى هناك، خاصة أن الشركة أيضا قامت برعاية إحدى الفرق الرئيسية والشعبية هناك.. وهى تجربة يمكن أن تتكرر فى معظم دول حوض النيل.. فهناك دول تحتاج لملاعب..
ويمكن لشركة المقاولون العرب أن تقوم بذلك، بالتنسيق مع بقية الشركات المصرية الكبرى ورجال الأعمال الذين لهم استثمارات فى أفريقيا، بإشراف وزارات الخارجية والرى والشباب.. فهناك أمور قليلة التكلفة فى أكثر من مدينة وقرية داخل كل بلد يمكن القيام بها، وسيكون عائدها الاجتماعى والإعلامى والسياسى أهم وأجمل وأعمق وأبقى كثيرا من فكرة استضافة منتخبات تلك البلدان والفوز عليها هنا فى استاد القاهرة.. وربما أكون مخطئا لكن هذا مجرد رأى أتركه لدى المسؤولين وأمضى فى حال سبيلى.