إنهم يحبون القاتل أحيانا...
لا يلتفتون إلى إشارة إصبعه التى تليها إسالة الدم...
إنهم يصدقونه...
يصدقون أنه يبيع الفضيلة...
ويهندس الأخلاق..
إنه مندوب هذه الجماعة البائسة فى الدفاع عن بؤسها...
القاتل يصدق نفسه/ لا يتخيل أن ما يفعله سوى «حكمة مستوحاة من المنامات..»..
والجمهور يخزن حياته فى أكياس بلاستيك ويضعها فى صندوق النفايات ليرتاح...
يرتاح لحياة ليس فيها من الحياة إلا التجول فى صندوق النفايات هذا...
هذه هى المساحات التى يتصور فيها رئيس الحكومة أنه «مقاول أخلاق» سيبنيها فى الهواء... ويجمع حوله جوقة من فنانين خارج الزمن ليبكوا على زمانهم الذى لن يعود... يبكون ويتصورون أن «المشهد المبتذل!» سينال تصفيقا فى البيوت ويعيدهم إلى نجوميتهم بجوار المقاول..
عقلية «مقاولين الهدد» و«أغنياء الحرب» وبضاعة «عصر كامل من الفساد..».
كان النجم من الذين جلسوا مع الباشمهندس محلب.... يلقى قصائد مدح فى مبارك/ راعى الفساد والاستبداد/ وبعضهم كان يذهب إلى القصر الرئاسى ليقدم عروضا خاصة للرئيس وأحفاده وينالون بعدها البركات والعطايا مكافأة على زغزغة الرئيس...
يفعلون ذلك ويظهرون كبائعى الفضيلة والأخلاق الرشيدة...
يفعلونها ثم يغسلون خطاياهم برحلة فاخرة للعمرة يصاحبهم فيها مرشد جوال من مشايخ التليفزيون....
تمثيلهم فى الحياة أقوى من تمثيلهم أمام الشاشات أو على المسارح، ولهذا فإن ضياع نجوميتهم فى الاستوديوهات يعوضونها فى لعب أدوار الجوقة للحاكم أو لكل صاحب سلطة...
وعلى صعيد آخر بعد أن يصرح السيسى أنه «يدرك أن الشباب ممكن يوقع مصر دون أن يقصد»... بهذه الأبوية السلطوية/ التى تصدق نفسها وتصدق ما تروجه الشيخوخة فى المجتمعات الحافظة عن تهور الشباب وانفلاتهم..
كأن الشيخوخة الحاكمة لم تهزم فى معارك عسكرية/ ولم ترعَ الفساد وتحول البلاد كلها إلى مزارع تربية لوحوش مفترسة تلتهم الثروات وتحول البشر إلى عبيد فى ماكينات تدور لمصلحة «200 عائلة.. فقط».
السيسى بعد تصريحاته يقف متوسطا من تسميهم حملته «شباب المبدعين» وكلهم من الشباب المختار ليمثل «دور الشباب».. أو أن هؤلاء هم النموذج الناجح الذى سينقذ البلد... وفى بلد أكثر من 60٪ منها شباب/ يأتى المرشح الأوفر حظا ليعلن العداء أو الوصاية على الشباب...
وصاية يكملها رئيس الحكومة الذى اختاره بلعب دور «بائع الفضيلة» الذى يحمى الشباب من «هيفاء»...
أدوار على خشبة السلطة ليس إلا....
وتمثيل فى ما لا يصح فيه تمثيل...
المصيبة ليست فى هذا..
المصيبة فى أنهم يصدقون أنفسهم....
يتصورون أن بيع الفضيلة/ هو «الفضيلة» ومقاولة الأخلاق... هى الأخلاق....
إنها دولة الوصاية تدافع عن نفسها بعد أن فقدت رونقها كما يخسر الممثل المتواضع جمهوره ويظل واقفا على المسرح يعيد إفيهاته ويكرر حركاته... بينما التصفيق مسجل/ والدليل الوحيد على الاهتمام هو التمسك بالوقوف على الخشبة....
إنهم.. يمتصون حياتنا.