بعيدًا عن انتخابات الرئاسة ومهرجان التوكيلات والبحث عنها، هناك انتخابات أخرى ربما تسهم فى العملية الديمقراطية..
وأقصد هنا انتخابات الأحزاب، خصوصا إذا كان هناك انتخابات تجرى فيها ونحن نرى أحزابًا ما أنزل الله بها من سلطان.
لكن فى النهاية لا بد من أن يكون هناك دور للأحزاب لإثراء العملية الديمقراطية وأن تكون أحزابًا قوية ذات شعبية تستطيع أن تؤثر فى القرار وفقًا لمعايير وأسس ودراسات تتوافق مع مطالب شعبية.
ومن هنا تأتى أهمية أن يكون فى الأحزاب انتخابات وتداول سلطة وأن لا تتحول إلى أحزاب أشخاص أو أحزاب عائلية!!
ولعل تجربة حزب الدستور وانتخاب هالة شكر الله رئيسًا للحزب خلفًا للدكتور محمد البرادعى نموذج يحتذى، سواء فى الانتخابات نفسها وحياديتها وتنافسها أو قدرة أعضاء الحزب فى اختيار امرأة فى مجتمع ما زال ينظر إلى المرأة نظرة دونية.
ومن هنا أيضا تأتى أهمية انتخابات حزب الوفد المزمع إجراؤها خلال أسابيع حتى وإن كانت بين السيد البدوى الرئيس الحالى للحزب وفؤاد بدراوى سكرتير عام الحزب.
فقد كان هناك رهان على حزب الوفد فى أن يقود الأحزاب والحركة الوطنية، وذلك قبل ثورة ٢٥ يناير وفى أثنائها وبعدها لكن إدارة السيد البدوى والعمل من أجل البزنس الخاص والمصالح الشخصية أفقدت الحزب أى دور بل أصبح حزبًا تابعًا.
ولعل المصادفة هنا أن السيد البدوى وفؤاد بدراوى قد تحالفا فى انتخابات رئاسة «الوفد» السابقة فى عام ٢٠١٠ فى محاولة للخروج من أزمة الحزب الذى وصل إلى حالة شبه اقتتال أهلى بفضل سياسات نعمان جمعة ومحمود أباظة وبإشعال من أمن الدولة وقتها التى كانت تريد حرق الأحزاب والخلاص منها أو جعلها تابعة لأوامر ضباط أمن دولة الأحزاب.
وقد كان مقررا وقتها أن يخوض فؤاد بدراوى رئاسة الحزب بمساندة من السيد البدوى الذى عاد إلى الحزب مرة أخرى بعد انقطاع وانفصال والتفرغ للبزنس الخاص مع رجال أعمال ساندوه ومنحوه الكثير! لكن فجأة تغير الاتجاه وقرر البدوى خوض رئاسة حزب الوفد «ويبدو أنه طُلب منه ذلك» أمام محمود أباظة.
وراهن الكثير على السيد البدوى فى أن يقدم تجربة جديدة بعد التخلص من جيل هرم تابع للسلطة.
لكن لم يكن رهانا صحيحا ولا صحيا فقد ظهر الرجل على حقيقته بعد أن تمت مساعدته فى الوصول إلى رأس «الوفد» فما كان منه إلا أن ذهب إلى السلطة القائمة متمثلة فى الحزب الوطنى وصفوت الشريف الذى استقبله فى مكتبه ليقدم فروض الولاء والطاعة وليعلن أنه تحت أمر النظام وجهاز أمنه الذى اتضح فى ما بعد أن رئيس جهاز أمن الدولة شريك للبدوى فى شركته!
واستطاع أن يخادع الجميع ويشترى صحيفة «الدستور» التى كانت وقتها شوكة فى حلق نظام مبارك ليقدمها لهم هدية ويتخلص من إدارة تحريرها مقابل خدمات كثيرة حصل عليها من نظام مبارك وأجهزة أمنه وأسواق جديدة لأدويته، وما خفى كان أعظم.
واستمر البدوى تابعا للنظام وخادعا للقوى الوطنية ليشارك مع جماعة الإخوان فى نفاق النظام والمشاركة فى انتخابات ٢٠١٠ التى اتفقت القوى الوطنية الحية على مقاطعتها لكشف وفضح نظام مبارك ووريثه ورجال أعماله فكانت مقدمة للثورة عليه لإصراره على التزوير.
وحاول البدوى أن يقفز على الثورة ويقدم نفسه على أنه ثورى عتيد وأنه كان له الدور العظيم فى ثورة ٢٥ يناير رغم أن الجميع يعلم تبعية البدوى لنظام مبارك وجهاز أمنه.
ومع هذا استمر البدوى فى نفس السياسات مع من أتى بعد ذلك حتى إنه -أى البدوى- قدم ورقة على بياض باسم حزب الوفد للفريق سامى عنان ليترشح للرئاسة فى أثناء حكم المجلس العسكرى.
وما زال السيد البدوى على طريقته من أجل مصالحه وبزنسه الخاص.. ويبعد «الوفد» عن تاريخه الوطنى ليحوله إلى دكانه خاصة.
فما أشبه الليلة بالبارحة..! السيد البدوى وفؤاد بدراوى وبينهما «الوفد».