وأبدأ الرحلة من أمتنا العربية.. فقد قرأت قبل أيام تقريرا خبريا ممتازا بثته إحدى وكالات الأنباء العالمية عن ظاهرة ربما ليس لها حاليا مثيل فى العالم كله شرقا وغربا، بعدما تخلصت البشرية من النازية وممارساتها الهمجية البشعة.
فأما الظاهرة التى أسهب التقرير فى وصفها وذكر بعض حقائقها وأرقامها، فهى اعتياد سلطات العدو الصهيونى من عشرات السنين «معاقبة جثث الموتى»، وتعمدها عدم تسليم جثامين آلاف الشهداء من الفدائيين الفلسطينيين لأهاليهم، وإنما التخلص من هذه الجثامين بدفنها فى مقابر سرية بائسة ومقفرة «عُرف منها أربع مقابر» ليس فيها أى شىء سوى غابة كثيفة من اللوحات الخشبية الصغيرة المغروسة فى التراب، لا تحمل أى أسماء أو بيانات تدل على هوية أصحاب الجثث، فقط مجرد أرقام صماء.. هذه المقابر صارت مشهورة عند أهلنا فى فلسطين باسم «مقابر الأرقام»!!
** أول من أمس أعلنت الإدارة الأمريكية أنها ترفض «نهائيا» منح تأشيرة دخول إلى أراضيها للسفير حميد أبو طالبى، مندوب إيران الجديد فى منظمة الأمم المتحدة، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاى كارنى إن الحكومة الإيرانية والمنظمة الدولية التى تحتضن مدينة نيويورك مقرها الرئيسى، جرى إبلاغهما بأن الولايات المتحدة «لن تصدر تأشيرة دخول لطالبى أبدا»، وأن قرار حكومة طهران بتعيين هذا الشخص بالذات مندوبا لها فى الأمم المتحدة «أمر غير قابل للتنفيذ».. لماذا؟! لأن الكونجرس مارس ضغوطا هائلة على الرئيس باراك أوباما، لكى لا يسمح لرجل شارك قبل 35 عاما فى عملية احتجاز «نفذها مجموعة من طلبة جامعة طهران» نحو 52 دبلوماسيا من العاملين أيامها فى السفارة الأمريكية فى إيران لمدة 444 يوما!!
المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى المنظمة الدولية حميد باباى، سارع بوصف قرار واشنطن بأنه «مؤسف وغير مسبوق، ويمثل انتهاكا فاضحا للقانون الدولى، كما أنه يتعارض مع التزامات الحكومة الأمريكية الواردة فى اتفاقية استضافتها مقر الأمم المتحدة على أراضيها».. وهذا كله صحيح تماما.
أما السفير طالبى نفسه، فقد صرح لوسائل إعلام محلية بأنه لم يشارك زملاءه الطلبة فى عملية احتجاز الدبلوماسيين الأمريكيين، وأن كل دوره فى هذه العملية هو القيام أحيانا بدور «المترجم» الذى ينقل ما يقوله الخاطفون للمخطوفين فحسب!!
هل تنتظر منى عزيزى القارئ تعليقا؟.. لا تعليق.
** وأول من أمس أيضا أصدرت الحكومة الهولندية تقريرا رسميا بشأن أوضاع وحالة السجون فى هذه المملكة الأوروبية الصغيرة، تبين منه أن عدد السجانين العاملين فى مصلحة السجون هناك يزيد بنحو 200 شخص على عدد المسجونين (!!) وحسب التقرير نفسه فإن إجمالى عدد نزلاء السجون الهولندية هبط فى 6 سنوات فقط بنسبة تقترب من 40 فى المئة، إذ كان فى عام 2008 يزيد قليلا على 15 ألف سجين، لكن هذا العدد تراجع حاليا إلى 9700 سجين يحرسهم ويخدمهم 9900 حارس وموظف!! أكاد أسمعك الآن عزيزى القارئ وأنت تهتف: «عقبال عندنا».