واقعة القبض على رباعى طب قصر العينى تُضاف إلى سِجِلّ القبض العشوائى الذى تقوم به الداخلية، والنابع من نظرية «تسديد الخانات»؛ وجود أحداث يعنى حتمية وجود متهَمين، هناك ملفات بحاجة إلى «التقفيل»، كتبتُ وغيرى كثيرًا عن الظلم الكامن فى هذا «التقفيل العشوائى»، سقوط شهداء من رجال الشرطة فى انفجارات متكررة لا يمكن اعتباره سببًا فى أن يدفع أبرياء ثمن هذه الجرائم من حريتهم ومستقبلهم. محمد فرحات وعبد الرحمن الجابرى وعبد الرحمن مصطفى وعمرو أنور، طَلَبة الفرقة الثالثة من طب قصر العينى، يحتلُّون مراكز مميَّزة فى ترتيب أوائل الدفعة، غير معروف عنهم أى نشاط سياسى، نموذج للطلبة «الدحِّيحة»، لم تنمنعهم الانفجارات أو الغاز أو الذعر السائد فى المنطقة من الالتزام بحضور السكشن المقرر لهم، وبعد انتهائه تحركوا لإحضار سياراتهم التى كانت قريبة من موقع الأحداث.
استوقفهم أحد الضباط عند باب الجامعة وفحص كارنيهاتهم وطلب منهم أن ينتظروا معه قليلًا ليستجوبهم بخصوص أحداث العنف الجارية، احتجزهم الضابط فى جراج إحدى العمارات القريبة من الجامعة، وتركهم لفترة طويلة فى صحبة بعض أمناء الشرطة، ثم قرر الضابط أن يصطحبهم إلى القسم ليصبح التحقيق رسميًّا، وهناك سرعان ما وجدوا أنفسهم متهَمين بالانضمام إلى جماعة إرهابية وحيازة أسلحة ومولوتوف، ثم سرعان ما تَطَوَّر الأمر إلى قرار النيابة حبسَهم خمسة عشر يومًا على ذمة التحقيقات.
طيب.. هل هؤلاء الطلبة مظلومون بالفعل؟ يقول أصدقاء وأهل الطلبة ردًّا على هذا السؤال: تحرِّيات قليلة يمكن عملها بين أساتذة وزملاء هؤلاء الطلبة فى طب قصر العينى عن طبيعة اهتماماتهم وحقيقة شخصياتهم وألبوم صورهم فى حفلات تكريم الطلبة المتفوقين ستكشف بسهولة استحالة التهم الموجهة إليهم. تحريات قليلة توضح حضورهم وغيابهم بالدقيقة فى كشوف السكاشن فى نفس توقيت الأحداث ستكشف براءتهم. تحريات قليلة عن حساباتهم على «فيسبوك» وتساؤل عمرو أنور فى نفس وقت الأحداث عما يجرى بالخارج لأنهم «محبوسين ومش قادرين يطلعوا من السكشن» ستكشف موقفهم. تحريات قليلة وسيتضح للجميع أنه فى سبيل أن تقفل الداخلية ملفاتها ويقدم الضباط لرؤسائهم تقارير تثبت أنهم عملوا اللى عليهم، فى سبيل ذلك ضاع على أربعة طلبة متفوقين فرصة اللحاق بامتحانات صارت قريبة جدًّا، ضاع التفوق وربما ضاع معه عام دراسى أو أكثر،
سيحصل الضابط على ترقية نظرًا إلى مجهوداته العظيمة، وسنصبح أمام أربعة شباب مجتهدين وقد وضعوا أقدامهم على أول طريق الكراهية بينهم وبين هذه الدولة، تلك الكراهية التى تنجح الداخلية كثيرا فى زرعها ورَيِّها حتى أصبحنا نقطف جميعا ثمارها فى كل أوان، يهرب من يد الداخلية من يلقون المولوتوف والقنابل من فوق الدراجات البخارية وتفشل فى ملاحقتهم، بينما تنجح فى ضبط بعض الطلبة الصغار الذين يحاولون أن يتفادوا كل هذا العبث الذى نعيشه بأن يتفوقوا فى دراستهم. محمد فرحات وعبد الرحمن الجابرى وعبد الرحمن مصطفى وعمرو أنور، يناشدكم زملاؤهم وأهاليهم بأن تنقذوا مستقبلهم، مع خالص الأمنيات بالشفاء العاجل من الحَوَل الأمنى.