السيد الأستاذ نبيل فاروق تحية طيبة، وبعد.. أشرتم فى مقالكم أمس «العقل والغضب» بجريدة «التحرير» إلى مقولة «الذى لا يعلم، ولا يعلم أنه لا يعلم، ذلك أحمق فاجتنبوه»، على أنها حديث عن النبى، صلى الله عليه وسلم، وأرجو أن أصحّح لكم أن ذلك الحديث منقول عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وليس النبى، ولقد قسّم الرجال إلى أربع فئات من حيث العلم، إلى رجل يعلم أنه يعلم، ورجل لا يعلم أنه يعلم، ورجل يعلم أنه لا يعلم، ورجل لا يعلم أنه لا يعلم.. مع وافر التحية.
السفير عبد المنعم طلعت
■ ■ ■
شكرًا جزيلًا سيادة السفير.. التبس علىّ الأمر وجلّ من لا يسهو ولا يغفو ولا ينام.. المقولة هى حكمة بالغة من صحابى جليل، وأفقه أهل عصره.. الناس بالفعل ينقسمون إلى أربع مراتب.. الذى يعلم، ويعلم أنه يعلم، وهو الحكيم الراسخ فى العلم، المنزّه عن الهوى، المتواضع لله المعز المذل الحكم العدل العليم الخبير.. ورجل لا يعلم أنه يعلم، وهو الشخص الذى صقلته تجارب الحياة، وخاض فيها ومنها ما خاض، وصار يعلم الكثير، ولكنه يتصوّر أن ما لديه هو قشرة علم فحسب..
والذى يعلم أنه لا يعلم، هو الفائز الحقيقى، لأن علمه بأنه لا يعلم يدفعه للبحث عن العلم والمعرفة، ويكتسب وينهل منهما، بكل تواضع من يدرك أن العلم والمعرفة محيطان بلا شواطئ، ينهال العالم منهما منذ الأزل، فلا ينضبان أو يجفّان، بل على العكس، يزدادان اتساعًا وفيضانًا، مع كل لحظة تمضى.. أما الخاسر الأكبر، والفاشل الأعظم، هو مَن لا يعلم، ولا يعلم أنه لا يعلم، لأنه بجهله يكون دومًا متعاليًا متغطرسًا عنيدًا متشبّثًا برأى هو الجهل بعينه.. وذلك الطراز، الذى هو صورة مجسّمة للحقيقة، يرى دومًا أنه على حق، دون أدنى احتمال للخطأ، ويرفض الاستماع إلى صوت سوى صوت حماقته.. وعندما يفشل، فهو لا يعترف بالفشل، بل يرى أن الكل يحقد عليه ويغار منه، لأنه الأعظم والأحكم والأبرع و.. و.. و.. ويظل أبد الدهر خاسرًا.. لأنه بكل بساطة.. أحمق.. فاجتنبوه.