سؤال اطرحوه على أنفسكم.. واحسبوها.. إلى أى مرشّح ستذهب أصوات تنظيم الإخوان والتيارات المتطرّفة؟! ليس طبعًا، ومن المستحيل، أن تذهب إلى عبد الفتاح السيسى، لأنه إن كانت تلك التيارات تكره عبد الناصر، فهى تبغض كل البغض عبد الفتاح السيسى، الذى وضع عنقه على كفّه، ووقف فى وجوههم، عندما شعر أنهم يهددون وطنه..
فى يناير ٢٠١١م رفعوا شعار «يسقط يسقط حكم العسكر»، وتركهم العسكر يرفعونه، على الرغم من أنه فى الحكم العسكرى لا أحد يقولها، ويظل سائرًا على قدميه.. ولكنهم ردّدوها، لعلمهم أنه شعار برّاق، يستطيع إغراء وخداع الشباب، ويفيد فى الوقت ذاته فى إضعاف القوة الضاربة لأى أمة، وهى الجيش الوطنى، الذى انحاز طيلة تاريخه إلى الشعب وليس إلى الحكام، منذ ثورة عرابى، وحتى ثورة ٢٠١٣م..
ردّدوها، وضحكوا بها على الشباب، على الرغم من أنهم يعلمون ويعون جيّدًا حكم العسكر الذى ألقاهم فى السجون والمعتقلات.. ولكنها اللعبة، التى لم ينخدع بها الشباب وحدهم، بل والعديد من رجال الفكر، الذين فاجؤونا بأنهم ليسوا رجال فكر، بل رجال غضب وغل وانفعال واندفاع.. واليوم، ومن نفس المنطلق، يردّدون نفس الشعار، ويردّده معهم مرشّح محتمل للرئاسة، هو من عشاق وعبدة وكهنة حكم العسكر.. يردّدها حتى يلتف حوله شباب، هم ظاهرة عجيبة عالميًّا وتاريخيًّا، فكل شعوب الدنيا عبر التاريخ، تزهو وتتباهى بقوة جيوشها، وترى فيها درعها وسيفها، أما الشباب الذين يلتفون حول كاهن حكم العسكر، فهم يهاجمون جيشهم، ويسعون لكسر سيفهم وتحطيم درعهم، الذى لولاه لكانت التيارات المتطرّفة تلتهمهم الآن فى الشوارع!!..
ومن يتصوّرون أنهم دعاة الحرية من هؤلاء، لا يحتملون كلمة انتقاد أو جملة اعتراض، ويتصرّفون بذروة الديكتاتورية، متشدقين بالحرية والديمقراطية.. ولقد صاروا جميعًا قرّاء طالع ومنجمين، يؤكّدون من قراءة الفنجان أننا نصنع فرعونًا جديدًا، وأنه به ستصبح مصر دولة عسكرية، لمجرّد أنه من أصول عسكرية!! ولأنهم يسمعون أكثر مما يقرؤون، فهم لم يعرفوا أن الجنرال دوايت أيزنهاور حكم أمريكان عقب الحرب العالمية الثانية، ولم تصبح أمريكا دولة عسكرية.. وعدد قليل ممن حكموا أمريكا كانوا من غير خلفية عسكرية، وكان هذا من نقاط ضعفهم وليس قوتهم، فالانتماء إلى خلفية عسكرية هو فخار وليس بعار.. لقوم يتفكّرون.. والجنرال شارل ديجول حكم فرنسا عقب الحرب العالمية الثانية، ولم تصبح فرنسا دولة عسكرية..
اهدؤوا وتبصّروا وتفكّروا.. واحسبوها.. سلوا أنفسكم عما يسمى بالصفقات السياسية فى زمن الانتخابات.. لا تمنحوا ثقتكم المطلقة لأحد، حتى أنا، دون أن تتفكّروا وتتساءلوا: ما الثمن؟! ولا تنخدعوا مرّتين، لأنكم تنفعلون أكثر مما تتفكّرون.. انخدعتم وانفعلتم مرة، فسقطت مصر فى قبضة إرهاب، فلا تنخدعوا مرة أخرى.. انخدعتم مرة، فقتلوكم بلا رحمة أمام الاتحادية، ومرسى، الذى خدعكم وأهله وعشيرته يتفرّجون ويبتسمون ويضحكون على سذاجتكم.. فهل ستُضحكونهم مرة أخرى؟!.. هل؟! احسبوها.