مفاجأة.. والد خان ووالدته مصريان طبقًا للأوراق الرسمية
مصلحة الأحوال المدنية بالعباسية.. مكان مزدحم بالوجوه العابسة والموظفين المشبعين بالملل، والمُصدِّرين لطاقة سلبية تكفى الكون بأكمله، وبشر يقضون فى المكان وقتا روتينيًّا مزعجًا، بين أختام وإمضاءات ووثائق مطلوبة، وصور شخصية رديئة للرقم القومى، تكشف عن قهر المواطن المصرى فى صورة هويته التى تلاصقه كظله.
لم أتصور أبدا أننى سأقابل فى مصلحة الأحوال المدنية بالعباسية شخصًا سعيدًا ضاحكا وباش الوجه فى هكذا المكان، ولكن المعجزات تحدث! المخرج محمد خان، هو أول شخص سعيد أقابله فى هذا المكان الذى استخرجت منه الرقم القومى ثلاث مرات من قبل!
وعدنى المخرج محمد خان بأن أكون أول من يصوره وهو يحمل الرقم القومى الذى يعد أحد أبرز اعترافات الدولة بكونه مواطنًا مصريًّا صميمًا، عقب حصوله على الجنسية المصرية بقرار صادر من رئاسة الجمهورية، وقد أوفى بالوعد. توجهت إلى المكان، وكان قد سبقنى إلى هناك مع ابنته المخرجة نادين خان مخرجة فيلم «هرج ومَرج»، بادرنى قائلا: تصورى.. عندما استخرجوا شهادة ميلاد أبى وأمى كان مكتوبا فى كلا الشهادتين فى خانة الجنسية «مصرى».. أى أننى مصرى طبقا للأوراق الرسمية، دون أن أحتاج لكل هذه السنوات التى سعيت فيها للجنسية المصرية! ..نعم؟! كان هذا ردى، وأكد هو الأمر، وقال: نعم.. أنا فوجئت اليوم ومن واقع الأوراق الرسمية أن شهادة ميلاد والدى «الباكستانى» مكتوب فيها أنه مصرى وكذلك أمى، التى هى مصرية إيطالية، وهو ما يعنى أننى انتظرت سنوات كثيرة للحصول على ورقة بالجنسية المصرية، بينما كان يمكننى أن أحصل عليها دون أن يمنحها لى أحد، وأضاف: ولكن من الجيد أن أحصل على الجنسية المصرية كتكريم لى، وهذا ما أردته، وهو ما تم.
فى أثناء وجودنا فى المصلحة، اتصل أحمد المسلمانى المستشار الإعلامى لرئيس الجمهورية بالمخرج محمد خان، ليطمئن على الإجراءات. كان جميع من فى المكان عندما يعرفون أنه محمد خان.. يباركون له حصوله على الجنسية المصرية ثم يردفون المباركة بسؤال: هو حضرتك كان جنسيتك إيه أصلا؟! كان رده الحاضر دائما: أنا مصرى طول عمرى.. بس والدى باكستانى. فى هذا اليوم المفعم بالأمل وببهجة محمد خان الطفولية لحصوله على صك الاعتراف الرسمى بمصريته، قابلنا كثيرين، قالوا له إنهم شاهدوا فيلمه الثالث والعشرين «فتاة المصنع»، وإنهم استمتعوا به، وبعضهم قال إنه لم يشاهد الفيلم ولكنه سيشاهده حتما.. فرحة محمد خان مزدوجة اليوم، ففيلمه حقق المليون الأول من حيث الإيرادات، كما أن الناس تتفاعل مع مخرجه وتعرب له عن إعجابهم بالفيلم.
فى أثناء انتظارنا لبطاقة الرقم القومى، قال خان: بعد حصولى على الرقم القومى سأتوجه لاستخراج جواز السفر المصرى. قلت له: فيه حد يسيب جواز السفر البريطانى ويسافر بالمصرى؟! قال بلا تردد: أنا.
هذا رجل سعيد جدا لأنه حصل أخيرا على الجنسية المصرية، فهل يسعد من يحملون هذه الجنسية بها؟! ندعو الله فقط أن يهب المصريين.. كل المصريين، ربع سعادة محمد خان وكل فخره بالجنسية المصرية، وهو يحمل بطاقة الرقم القومى المصرى لأول مرة فى حياته، فقد قال خان بمجرد تسلمه بطاقة الرقم القومى بفخر وسعادة لا يمكن وصفهما بمجرد الكلمات: أنا الآن مصرىٌ فعلا! أن تراقب فرحة شخص فى عقده السابع بحلم عزيز يتحقق.. تلك عطية وهدية من الله، أدعوه أن يمنحها لكل من أحبهم ليشعروا ببعض سعادة أشعر بها الآن. وأخيرا.. لو أننى لم أفعل شيئا فى حياتى سوى المساهمة الضئيلة فى تحقيق حلم حصول المخرج محمد خان على الجنسية المصرية.. فهذا كافٍ جدًّا بالنسبة لى.