ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

ميادة.. لن تكوني الأخيرة

-  

بينما أكتب هذه السطور، لا تزال دماء ميادة أشرف تسيل، دماء المواطنة المصرية والزميلة الصحفية ميادة، التي سالت نتيجة تلقيها طلقا ناريا، أثناء تغطيتها اشتباكات دارت الجمعة بين أنصار جماعة الإخوان وقوات الشرطة المصرية.

بينما أكتب هذه السطور، لا تزال دماء ميادة أشرف الصحفية في جريدة الدستور تسيل، بينما يقول الإخوان إن «قوات الانقلاب قتلتها»، ويقولون إنها صحفية في موقع إلكتروني تابع للجماعة، فيما يقول آخرون إن «جماعة الإخوان الإرهابية قتلتها»، فيما يقول بعض الصحفيين إنها «شهيدة جديدة في بستان الصحافة».

بينما أكتب هذه السطور، لا تزال دماء ميادة أشرف تسيل في مستشفى بمنطقة مصر الجديدة، وهكذا تاجر بعض زملائها في المهنة بدمائها، وهكذا تاجر بعض الإخوان بدمائها، وتاجر بعض مؤيدي النظام الحالي بدمائها.

عندما تنشر هذه السطور، سيكون الجدل مستمرًّا «هى معانا ولا معاهم»، في وصلة لا تمت للإنسانية بصلة، حيث لم يعد للإنسان ثمن، تحت دعاوى مخاطر المهنة أو شهادة الواجب أو فداء الوطن.

سيقول البعض يا ميادة «إيه اللى وداها هناك»، سيتبارى الكل في نسبك إلى «فريقه»، وسيحمل كل فريق الآخر مسؤولية دمك، وسيدين العالم مقتلك، سيدين مصر بأشد العبارات، سيقولون إن مصر لم تعد مناخًا آمنًا لممارسة الإعلام، سيقولون ويقولون ويقولون، سيشجبون وينددون، فيما دماؤك لا تزال تسيل، وجروحنا تتعمق شيئًا فشيئًا.

لم أعرف ميادة أشرف، لكني ربما التقيتها بين طلاب وطالبات كلية الإعلام جامعة القاهرة، يوماً ما، عندما كنت أحدثهم عن مهنة الصحافة، وشرف الدور الذي يقوم به الصحفي، ربما كانت ضمن مئات تداعبها أحلام «كشف الحقيقة وفضح الفساد»، ربما كانت تداعبها أحلام «حرية الرأي والتعبير»، ربما كانت تحلم بيوم أفضل لبلد تعداد قتلاه فاق قتلى معارك حربية.

ربما كان حلمها التعيين في جريدة توفر لها الحد الأدنى من راتب يساعدها على ركوب مواصلات آدمية للوصول إلى أماكن الأحداث لتغطيتها، ربما لم تكن من ساكني القاهرة وتأتي من محافظة مجاورة يومياً لتساعد في نقل الوقائع وتبصير الناس، ربما كان أقصى أحلامها المادية الحصول على راتب يتعدى 500 جنيه في الشهر، ربما أقصى طموحاتها الحصول على كارنيه عضوية نقابة الصحفيين وإلقاء القسم بين زملائها في حضور ذويها وأصدقائها، لكنهم بدلاً من إطلاق الزغاريد في ذلك اليوم الذي لن يأتي، يطلقون الصرخات على فراقك الآن يا ميادة.

ربما أسمع أن نقابة الصحفيين قررت منحها عضوية شرفية، ربما تطالب النقابة بانتداب قاضٍ مستقل من وزارة العدل للتحقيق في واقعة قتلها، ربما أسمع الكثير والكثير لكنني أعلم جيدًا يا ميادة أنني لن أسمع اسمك بعد ساعات، حيث ينشغل الجميع بمباريات ريال مدريد وبرشلونة، وبرنامج المشير عبدالفتاح السيسي الرئاسي، وخطوط الموضة، وأحدث أخبار تطبيقات الموبايل، لتتحولي يا عزيزتي إلى رقم أصم في قائمة قتلى اشتباكات بات علينا التعود عليها.

حينها يا ميادة ستكونين واحدة ضمن مئات وربما آلاف أريقت دماؤهم، لا نعلم من قتلهم، ولا يعلمون بأي ذنب قتلوا، ستكونين مثلنا في انتظار خبر عاجل على شاشة التليفزيون يقول «4 قتلى حصيلة اشتباكات اليوم في القاهرة والمحافظات»، أو «ارتفاع قتلى التفجير الإرهابي إلى 21 قتيلا»، ستكونين مثلنا تتابعين من يبرر القتل، ويهاجم المقتول، ويثني على القاتل.

أتعلمين يا ميادة؟ كنت منذ أيام قليلة أشارك في تغطية قمة الأمن النووي في لاهاى بهولندا، هناك لم يتوقف حديث الصحفيين من مختلف أنحاء العالم عن مدى خطورة الوضع في مصر أمام الصحفيين، شعرت بالإحراج الشديد أنني لا أستطيع حتى الدفاع عن بلدي، شعرت أننا أبطال كوماندوز نخرج من بيوتنا بأكفاننا لا ندري هل نرى منازلنا مجدداً أم نرى منازل الآخرة، كانوا يا ميادة يتحدثون عن إلقاء القبض عليهم لمجرد الاشتباه في أنهم جواسيس يريدون هدم الدولة المصرية، كانوا يتحدثون عن احتجازهم من الأهالي للاشتباه في كونهم «إخوان»، كانوا يتحدثون عن ضربهم من «إخوان» لأنهم يشوهون صورتهم، كانوا يتحدثون عن «التحرش بهم في شوارع مصر»، أتعجب الآن ماذا سيقولون وهم يطالعون صورتك والدماء تغطي وجهك؟

أتعلمين يا ميادة؟ خلال عملي كمدرب صحفي، التقيت العشرات من أمثالك، حاولت تدريبهم على التعامل مع المصادر، والعمل تحت ضغط، وفي الظروف الاستثنائية حيث حياتهم وحياتك بالنسبة لي خط أحمر، كنت أنزع الكارنيه من المتحمسين الذين لا يستطيعون الفصل بين ميولهم السياسية وعملهم الصحفي، كنت أدربهم على معايير الصحافة بالمقاييس الدولية، كنت أدربهم على تفادي الوقوع في الخطر، لكنني لم أكن أعلم يا ميادة أنني أرسلهم إلى حتفهم، لم أكن أعلم أنني سأضع يومًا ما صورتهم في حفل التخرج بجوار صورة جثامينهم.

توقفوا عن قتل زملائي، إنكم تهدرون كل قيم الإنسانية، إنكم تهدرون المستقبل، كل قتيل يسقط برصاصاتكم هو عالم نووي محتمل، هو طبيب في تخصص دقيق لن يتخرج، هو مهندس أساسات في مناطق شديدة الوعورة لقي مصرعه، هو عالم دين مات قبل أن ينشر كلمة الله بين الناس، هو أو هي رصاصاتكم لا تفرق، رصاصاتكم تجمع في عداد الموت، أوقفوا عداد الموت، إنه لا يشبع.

أكتب هذه السطور يا ميادة والآلاف أمام شاشات التليفزيون يتابعون انتخابات مجلس إدارة ناديي الأهلى والزمالك، وهكذا يا ميادة سيستمر نزفك إلى يوم يبعثون، هكذا يا ميادة لم تعد هذه الأرض التي تنبت زهورا وزهرات مثلك، بل تبتلعهم، وأسأل نفسي: هل تتخذ الصحف ووسائل الإعلام المصرية قرارًا بمنع تغطية أي تظاهرات أيًّا كان نوعها أو أيًّا من كان صاحبها لحين توفير أجواء آمنة لممارسة العمل الصحفي؟ مجرد تساؤل في أجواء قذرة. أيًّا ما كانت الإجابة اعلمي يا ميادة أنك لن تكوني وحيدة فكما أنك لم تكوني الأولى فإنك لن تصبحي الأخيرة.

Mohammad.elhawary@gmail.com

التعليقات