ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

الدولة العميقة وهستيريا الجماهير

-  

 (1) الدولة العميقة وما حولها

بينما تقوم حكومة الببلاوي بدورها التنفيذي في وضع الخطط وتصريف شؤون البلاد والعباد، يحتكم الرئيس المؤقت عدلي منصور على قدر ضئيل من السلطة الرمزية، يبدو غير راغبٍ في زيادتها بل على العكس؛ راغبٌ في التخففِ منها وربما الترفعِ عنها، يبقى مُلتصقًا بباب السلطة لا بكرسيها، مُتلبسًا إحساس «الحكم الرابع» في مباراةٍ يُخشى أن يُنهيها جمهورُ المتفرجين في أية لحظة، كما فعل عدة مرات سابقاً. وهو إحساسٌ يشمل بدرجة أو أخرى بعض الوزراء والبيروقراطيين الذين دخلوا الحكومة «المؤقتة».

يظل الجيش إذن- فوق كل ذلك وقبله وخلاله- صاحب الكلمة المسموعة في النظام الحاكم حاليًّا. استحال وزير دفاعه، الفريق السيسي، متوّجاً كرئيس بحكم الأمر الواقع، حتى تنتهي إجراءات روتينية تسمى الانتخابات، أو «كتب الكتاب» أو «العُرس الديموقراطي»، ويتم الفرح بحضور المعازيم. هكذا يتمنى البعض، أو يتوّهم آخرون.

وعلى سبيل المثال صرح الببلاوي بأن حكومته لن تستطيع تطبيق الحد الأدنى للأجور، وبعدها بعدة أيام اتخذت الحكومة قرارًا بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وصرح بأنه لا يريد لبرنامج باسم يوسف أن يتوقف أو يُمنع، لكنه توقف ومُنع.. خذ عندك كذلك سيلًا من تصريحات متناقضة عن عودة- ولا عودة- حرس الجامعات أو تحريك الجيش لحراستها، وربما نختم الأمثلة بالتذكير كيف امتدح السيسي السعودية ودول الخليج، لنجد هرولة عدلي منصور إلى السعودية في أول زيارة خارجية له.

ينصرف التحليل السابق بحسبانه توصيفًا يسوقه جُلّ المنغمسين في الشأن المصريّ، حتى وإن كان أحدهم «إخوان» أو «بيحترمهم»، وكان الآخر «حزب وطني» أو حزب «جمال مبارك مظلوم يا ناس»، يروّج هؤلاء جميعًا، سواء لجهةِ النقدِ أو التحذير أو التملق- سيان- لفكرة أن القرارات الحاسمة والحساسة لا تمر دون استشارة ومعرفة وربما توقيع «عريس» الأمر الواقع؛ الجنرال ووكلائه في الدولة العيمقة.

(2) الفراغ العميق والجماهير الضامّة

تتراجع صحة ذلك التحليل بمضيّ الوقت، ولا تزيد، عكس ما يبدو على السطح، إذ تخبو لوثات التشنج القومي الإعلامي المُستفحل (التي كان أحدها مثلا حملة تروّج السيسي كرئيس مؤقت لمدة 4 سنوات بلا انتخابات)، وتعاود الظهور أحيانًا، وبين تلك النوبات المُضحكة- والمُخيفة في آنٍ- وانسحابها، تنكشف للبصائر حقيقة واحدة مؤكدة: فراغ السلطة.

الفراغ الذي يُخطئ مَنْ يقول إنه بدأ بعد الإطاحة بمبارك على إثر ثورة عالمية القِيَم، أمسك الجيشُ بتلابيبها في لحظة هستيريا الجماهير الضامّة (الضامّة؛ بضمِّ ما انفصل وانفصم خشية اتساع فجوات الأسئلة تعويلًا على رتقها لاحقًا)، فشيخوخة الدكتاتور القابع في محبسه حتى الآن دُونَ حكمٍ نهائيٍ رسميٍ بدمويته وفساده، كانت مُنذرة لجهةِ سِنّه وأمراض جسده، وبالتالي غيابه تاركاً في سُدة السلطة اللا أحد، بينما يتخرَّص المقربون من المخابرات المصرية بأن المشير طنطاوي آنذاك- ومن قبل الثورة- وقف رافضًا لتعيين أي نائبٍ للرئيس، كما يعرفُ الجميع أنّ «الولد المُعجزة» في استفزازِ سياساته وسماجة تركيبته، جمال مبارك، ومَنْ حوله، كان منبوذًا عسكريًّا وشعبيًّا.

الفراغ إذن كان متوقعًا في كل الأحوال، لكنه جاء فائرًا مُندفعًا كالأحلام الإيروتيكية، ثورةٌ لا موت... وقصائد شعر وروايات أدبٍ لا أخبار عزاء وبرقيات تزلّف... وقضاء يسبقٌ قدرًا لا يملكُ إلا أن يسايرَ إرادة الشعب إطاحة بالدكتاتور المعتلّ، لكلُ هذا وغيرهِ مما لا يتسعُ تفصيلُه، كانت لحظة إزاحة الإخوان من سُدة الحكم بعد خمسة استحقاقات انتخابية في عامين عودةً للسقوط في فراغ سلطة لمْ تُؤسَّس، بل كسبها- كغنائم الحرب- ضِخامُ الحجم لِجهةِ قوتهم لا لِجهةِ إنصاف قواعد التأسيس، وإزاحتهم بالتالي- وإن جاءت بتدخل عسكري- لم تكن في أحد تجلياتها النظرية سوى محض إعادة إنتاج الأسئلة الثقافية والسياسية التي ساهموا في إخراسها في لحظة الجماهير الضامّة، قبل أن تعاود قطاعات من تلك الجماهير طرحها أو طرح جزء منها في انتفاضة 30 يونيو.

(3) الدفع بالسيسي

المتحدث العسكري ينفي نية «السيسي» الترشح للرئاسة: القائد العام فخور بقيادته للجيش – 19 يوليو 2013

«فيه نقطه مهمة عايز أقولها: بيتقال إن ده حكم عسكر، لا والله مش حكم عسكر ولا فيه أي رغبة وإرادة لحكم مصر، عايز أقولكم شرف إننا نحمي إرادة الناس أعز عندنا وعندي شخصيًّا من شرف حكم مصر، أقسم بالله على ذلك». من خطاب السيسي بعد قتل معتصمي رابعة، 18 أغسطس 2013

السيسي: «الوقت غير مناسب لسؤال ترشحي للرئاسة... واللهُ غالبٌ على أمْرِه» – 9 أكتوبر 2013

رويترز: «السيسي» صار أكثر تقبلًا لترشحه للرئاسة.. وضباط الجيش يؤيدونه في ذلك – 24 أكتوبر 2013

******

بتلك النغمة الحاسمة الأولى، أكد الجنرال السيسي والمتحدثون باسمه مررًا أنهم غير طامعين في السلطة، لم يتحركوا في 3 يوليو إلا لنجدة الشعب من ويلات انقسام أهلي قال عنه الجنرال في ذات الخطاب إن الشعب والدولة لم تكن لتتحمله ثلاث سنواتٍ أُخَرْ من حكمِ جماعةٍ صعدت إلى السلطةِ وسحبت السلّم خلفها لكيلا ينافسها آخرون، حدّ تعبيره.

تغيرت النبرات سريعاً على وقع عزفٍ ذكي للجَوْقة، أو أنهم أُمِرُوا بالعزف، حتى لا يخرج غناء الجنرال نشازًا، فكان الحديث في العلن عن أن «الله غالبٌ على أمره»، أمّا في الكواليس فتُصنع الأمور: رغبة في التحصين وتفكيرٌ جادٌ في مُعضلة الترشح، يظنُّ المُشجعون لو وطأ بلاطِ القصر أنه سيملأ كرسيًّا تزداد حدة الصراع عليه حمأة وضجيجًا.

(4) من يحرك من؟

«الخبر الجيِّد أن الجيش لا يحكم مصر الآن، الخبر السيِّئ أنه لا أحد يحكمها، نحن فى فوضى لا يعلم بها إلا ربنا.... أحسد هؤلاء الصِّبية الذين يتأنتخون أمام الكيبورد ويقررون أنه لا طير يطير من فوق الشجرة إلا بأوامر العسكر، فهؤلاء يحملون نظرة شديدة الإيجابية عن قدرة العسكر فى التحكم، ونظرة حالمة عن أن البلد محكوم أصلًا».

****

هكذا كتب إبراهيم عيسى (جريدة التحرير 4 /11 /2013)، واحد من الأقلام الشهيرة في مُعارضة مبارك، والذي أصبح واحدًا ممّن حرضوا مرارًا على تدخل الجيش في السياسة بعد شهور قليلة من الثورة، وهو كذلك أحد أساطين الترويج لمقولة إنه لا حلَّ سياسي، وإن الاستقرار لا يمر إلا على جماجم المخالفين وعظامهم أو إيداعهم المصحات النفسية (لا أدري لماذا فاته أن يقترح- كهتلر- حلاً بيولوجيًّا لمشكلة الإخوان؟).

يدقق من استدعوا الجيش للتدخل إذن في قدرته على الحكم، وإمكاناته الحقيقية في تدبير الأمور، ولا سُخرية في الأمر.. فالذين يعولون على الحل الأمني حلاً وحيدًا هم أنفسهم الذين يكتبون أن الجيش لا يحكم، وأن البلاد مفككة. ورغم أنني- في الغالب- أحد هؤلاء «صبية الكيبورد» الذين قصدهم عيسى، إلا أنني قد أدهشه كثيرًا إذا قلت إني أتفق معه- تمامًا-- في طرحه الخاص بالدولة المفككة، إذ إنني لا أراهن كثيرًا على نظريات المؤامرة، كما أن قناعتي التي عبرت عنها سابقًا ومازلت، هي أن الجيش لم يرغب في حقيقة الأمر في الإطاحة بمرسي أو الوصول لواجهة السلطة، لكنه فقط يبحث عن واجهة أخرى تمثله كما فعل مبارك، أو في أقل الأمور- أن يتفاهم مع تلك الواجهة حول مصالحه السياسية والاقتصادية التي لا يرغب في تقليصها، (إحدى تلك المصالح أن يظل الجيش محتكرًا لتعريف الوطنية المصرية، ومعيارًا للقومية) أما المحدد الثاني الذي تناولته، سابقًا لتدخله، فهو أنه لا يريد أن يدفع ثمن أخطاء سلطة فاشلة.

فهل يمكن التفكير- من زاوية مقلوبة- أن الدفع بالسيسي ليس سوى واجهة يستغلها آخرون؟ وما هي إمكانات ملء فراغ السلطة إن ترشح في لحظة جديدة من لحظات هستيريا الجماهير الضامّة؟ وهل يمكن التعويل على فعل هستيري رغم وقتيته؟ وماذا حين تنسحب الهستيريا التي صنعتها معاولُ الأسئلة قبل أن تلقى إجابة هي ذاتها خرجت للبحث عنها وانسحبت مجددًا حين تهسترت الجموع في أوّل رائحة للانتصار؟

ما يطرحه هذا المقال، في ابتسار، هو أن الجيش لا يحكم مصر فعليًّا، ولا يريد الحكم، وربما- ببعض التخرُّصِ- يمكن أن نقول إنه لا يستطيع الحكم. هو فقط يريد رتق ذلك الفراغ العميق بأسرع ما يمكن، ولو على حساب دفنِ أسئلة الثورة في الاقتصاد والسياسة، وبخاصة الاجتماع، مجددًا. وهو يقدم في الجزء الثاني منه، فيما يحاول التقديم، مقاربة بدائية لنظريات الثورة وانتزاع الحكم. وينتهي بتوصية واحدةٍ ووحيدة.

التعليقات